قوله (صاعا من طعام أو صاعا من تمر) ظاهره المغايرة بين الطعام وبين ما ذكر بعده وقد حكى الخطابي أن المراد بالطعام هنا الحنطة وأنه اسم خاص له قال هو وغيره قد كانت لفظة الطعام تستعمل في الحنطة عند الاطلاق حتى إذا قيل اذهب إلى سوق الطعام فهم منه سوق القمح وإذا غلب العرف نزل اللفظ عليه قال الحافظ في الفتح وقد رد ذلك ابن المنذر وقال ظن بعض أصحابنا أن قوله في حديث أبي سعيد صاعا من طعام حجة لمن قال صاع من حنطة وهذا غلط منه وذلك أن أبا سعيد أجمل الطعام ثم فسره ثم أورد طريق حفص بن ميسرة عند البخاري وغيره إن أبا سعيد قال كنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعا من طعام قال أبو سعيد وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر وهي ظاهرة فيما قال قال الحافظ وأخرج ابن خزيمة من طريق فضيل ابن غزوان عن نافع عن ابن عمر قال لم تكن الصدقة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا التمر والزبيب والشعير ولم تكن الحنطة ولمسلم من وجه اخر عن عياض عن أبي سعيد كنا نخرج من ثلاثة أصناف صاعا من تمر أو صاعا من أقط أو صاعا من شعير وكأنه سكت عن الزبيب في هذه الرواية لقلته بالنسبة إلى الثلاثة المذكورة وهذه الطرق كلها تدل على أن المراد بالطعام في حديث أبي سعيد غير الحنطة انتهى وقال القاري في المرقاة قال علماؤنا المراد بالطعام المعنى العام فيكون عطف ما بعده عليه من باب عطف الخاص على العام انتهى (أو صاعا من زبيب) أي عنب يابس قال في الصراح زبيب مويز زبيبة يكي يقال زبب فلان عنبه تزبيبا (أو صاعا من أقط) بفتح الهمزة وكسر القاف قال في النهاية هو لبن مجفف يابس مستحجر يطبخ به (حتى قدم معاوية المدينة) وفي رواية مسلم حتى قدم معاوية حاجا أو معتمرا فكلم الناس على المنبر وفي رواية ابن خزيمة وهو يومئذ خليفة (من سمراء الشام) أي القمح الشامي (فأخذ الناس بذلك) المراد بالناس الصحابة رضي الله عنهم (قال أبو سعيد فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه) وفي رواية لمسلم فأنكر ذلك أبو سعيد وقال لا أخرج إلا ما كنت أخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله (هذا حديث حسن صحيح) أخرجه الأئمة الستة في كتبهم مختصرا ومطولا
(٢٧٩)