رضي الله عنهم وحجتهم الأمر بالإنصات للإمام تأولوا أحاديث الباب بأنه كان عريانا فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقيام ليراه الناس ويتصدقوا عليه وهو تأويل باطل يرده صريح قوله صلى الله عليه وسلم إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما وهذا نص لا يتطرق إليه تأويل ولا أظن عالما يبلغه هذا اللفظ ويعتقده صحيحا فيخالفه انتهى وقال الحافظ في الفتح قال جماعة منهم القرطبي أقوى ما اعتمده المالكية في هذه المسألة عمل أهل المدينة خلفا عن سلف من لدن الصحابة إلى عهد مالك أن التنفل في حال الخطبة ممنوع مطلقا وتعقب بمنع اتفاق أهل المدينة على ذلك فقد ثبت فعل التحية عن أبي سعيد الخدري وهو من فقهاء الصحابة من أهل المدينة وحمله عنه أصحابه من أهل المدينة أيضا ولم يثبت عن أحد من الصحابة صريحا ما يخالف ذلك وأما ما نقله ابن بطال عن عمر وعثمان رضي الله عنهما وغير واحد من الصحابة من المنع مطلقا فاعتماده في ذلك على روايات عنهم فيها احتمال كقول ثعلبة بن أبي مالك أدركت عمر وعثمان وكان الإمام إذا خرج تركنا الصلاة وجه الاحتمال أن يكون ثعلبة عني بذلك من كان داخل المسجد خاصة قال شيخنا الحافظ أبو الفضل في شرح الترمذي كل من نقل عنه يعني من الصحابة منع الصلاة والإمام يخطب محمول على من كان داخل المسجد لأنه لم يقع عن أحد منهم التصريح بمنع التحية وقد ورد فيها حديث يخصها فلا تترك بالاحتمال انتهى ولم أقف على ذلك صريحا عن أحد من الصحابة وأما ما رواه الطحاوي عن عبد الله بن صفوان أنه دخل المسجد وابن الزبير يخطب فاستلم الركن ثم سلم عليه ثم جلس ولم يركع وعبد الله ابن صفوان وعبد الله بن الزبير صحابيان صغيران فقال الطحاوي لما لم ينكر ابن الزبير على ابن صفوان ولا من حضرهما من الصحابة ترك التحية دل على صحة ما قلناه.
وتعقب بأن تركهم النكير لا يدل على تحريمها بل يدل على عدم وجوبها ولم يقل به مخالفوهم انتهى (والقول الأول أصح) فإنه يدل عليه الأحاديث الصحيحة الصريحة ومنها قوله صلى الله عليه وسلم إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما وهذا نص لا يتطرق إليه تأويل وكل ما أجاب به أهل القول الأول عن أحاديث الباب فهو مخدوش ومن الأجوبة التي ذكروها أن هذا كان في حالة إباحة الأفعال في الخطبة قبل أن ينهي عنها قالوا ويؤيده أن النبي صلى الله عليه وسلم كلم هذا الرجل فكلامه مع هذا الرجل يدل على أنه قبل أن ينسخ في الخطبة ثم أمر بالإنصات والاستماع وترك الكلام حتى منع من أن يقول لصاحب أنصت