بحديث الباب وما في معناه قال النووي قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم لا تجوز الجمعة إلا بعد زوال الشمس ولم يخالف في هذا إلا أحمد بن حنبل وإسحاق فجوزها قبل الزوال وروى في هذا أشياء عن الصحابة لا يصح منها شئ إلا ما عليه الجمهور وحمل الجمهور هذه الأحاديث على المبالغة في تعجيلها انتهى قوله (ورأى بعضهم أن صلاة الجمعة إذا صليت قبل الزوال أنها تجوز أيضا) أي كما تجوز بعد الزوال واستدلوا بأحاديث منها حديث أنس كنا نبكر بالجمعة ونقيل بعد الجمعة أخرجه البخاري قال الحافظ ظاهره أنهم كانوا يصلون الجمعة باكر النهار لكن طريق الجمع أولى من دعوى التعارض وقد تقرر أن التبكير يطلق على فعل الشئ في أول وقته أو تقديمه على غيره وهو المراد هنا والمعنى أنهم كانوا يبدأون بالصلاة قبل القيلولة بخلاف ما جرت به عادتهم في صلاة الظهر في الحر فإنهم كانوا يقيلون ثم يصلون لمشروعية الإبراد انتهى ومنها حديث سهل بن سعد رضي الله عنه ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة رواه الجماعة ووجه الاستدلال به أن الغداء والقيلولة محلهما قبل الزوال وحكوا عن ابن قتيبة أنه قال لا يسمى غذاء ولا قائلة بعد الزوال وأجاب عنه النووي وغيره بأن هذا الحديث وما معناه محمول على المبالغة في تعجيلها وأنهم كانوا يؤجلون الغداء والقيلولة في هذا اليوم إلى ما بعد صلاة الجمعة ندبوا إلى التبكير إليها فلو اشتغلوا بشئ من ذلك قبلها خافوا فوتها أو فوت التبكير إليها ومنها أثر عبد الله بن سيدان قال شهدت الجمعة مع أبي بكر فكانت صلاته وخطبته قبل نصف النهار وشهدتها مع عمر رضي الله عنه فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول قد انتصف النهار وأجاب عنه الحافظ بن حجر وغيره بأن عبد الله بن سيدان غير معروف العدالة قال ابن عدي شبه المجهول وقال البخاري لا يتابع على حديثه بل عارضه ما هو أقوى منه فروى ابن أبي شيبة من طريق سويد بن غفلة أنه صلى مع أبي بكر وعمر حين زالت الشمس إسناده قوي وأستدل بعضهم بقوله صلى الله عليه وسلم إن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين قال فلما سماه عيدا جازت الصلاة فيه في وقت العيد كالفطر والأضحى وتعقب بأنه لا يلزم من تسمية يوم الجمعة عيدا أن يشتمل على جميع أحكام العيد بدليل أن يوم العيد يحرم صومه مطلقا سواء صام قبله أو
(١٧)