تستره ومنه قيل للزارع كافر لأنه يغطى البذر وقال الراغب الكفارة ما يعطى الحانث في اليمين واستعمل في كفارة القتل والظهار وهو من التكفير وهو ستر الفعل وتغطيته فيصير بمنزلة ما لم يعمل قال ويصح أن يكون أصله إزالة الكفر نحو التمريض في إزالة المرض وقد قال الله تعالى ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيآتهم أي أزلناها وأصل الكفر الستر يقال كفرت الشمس النجوم سترتها ويسمى السحاب الذي يستر الشمس كافرا ويسمى الليل كافرا لأنه يستر الأشياء عن العيون وتكفر الرجل بالسلاح إذا تستر به (قوله وقول الله تعالى فكفارته اطعام عشرة مساكين) يريد إلى آخر الآية وقد تمسك به من قال بتعين العدد المذكور وهو قول الجمهور خلافا لمن قال لو أعطى ما يجب للعشرة واحدا كفى وهو مروى عن الحسن أخرجه ابن أبي شيبة ولمن قال كذلك لكن قال عشرة أيام متوالية وهو مروي عن الأوزاعي حكاه ابن المنذر وعن الثوري مثله لكن قال إن لم يجد العشرة (قوله وما أمر النبي صلى الله عليه وسلم حين نزلت ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) يشير إلى حديث كعب بن عجرة الموصول في الباب (قوله وقد خير النبي صلى الله عليه وسلم كعبا في الفدية) يعني كعب بن عجرة كما ذكره في الباب (قوله ويذكر عن ابن عباس وعطاء وعكرمة ما كان في القرآن أو أو فصاحبه بالخيار) أما أثر ابن عباس فوصله سفيان الثوري في تفسيره عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عباس قال كل شئ في القرآن أو نحو قوله تعالى ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فهو فيه مخير وما كان فمن لم يجد فهو على الولاء أي على الترتيب وليث ضعيف ولذلك لم يجزم به المصنف وقد جاء عن مجاهد من قوله بسند صحيح عند الطبري وغيره وأما أثر عطاء فوصله الطبري من طريق ابن جريج قال قال عطاء ما كان في القرآن أو أو فلصاحبه ان يختار أيه شاء قال ابن جريج وقال لي عمرو بن دينار نحوه وسنده صحيح وقد أخرجه ابن عيينة في تفسيره عن ابن جريج عن عطاء بلفظ الأصل وسنده صحيح أيضا وأما أثر عكرمة فوصله الطبري من طريق داود بن أبي هند عنه قال كل شئ في القرآن أو أو فليتخير أي الكفارات شاء فإذا كان فمن لم يجد فالأول الأول قال ابن بطال هذا متفق عليه بين العلماء وانما اختلفوا في قدر الاطعام فقال الجمهور لكل انسان مد من طعام بمد الشارع صلى الله عليه وسلم وفرق مالك في جنس الطعام بين أهل المدينة فاعتبر ذلك في حقهم لأنه وسط من عيشهم بخلاف سائر الأمصار فالمعتبر في حق كل منهم ما هو وسط من عيشه وخالفه ابن القاسم فوافق الجمهور وذهب الكوفيون إلى أن الواجب اطعام نصف صاع والحجة للأول انه صلى الله عليه وسلم أمر في كفارة المواقع في رمضان باطعام مد لكل مسكين قال وانما ذكر البخاري حديث كعب هنا من أجل آية التخيير فإنها وردت في كفارة اليمين كما وردت في كفارة الأذى وتعقبه ابن المنير فقال يحتمل أن يكون البخاري وافق الكوفيين في هذه المسألة فأورد حديث كعب بن عجرة لأنه وقع التنصيص في خبر كعب على نصف صاع ولم يثبت في قدر طعام الكفارة فحمل المطلق على المقيد (قلت) ويؤيده ان كفارة المواقع ككفارة الظهار وكفارة الظهار ورد النص فيها بالترتيب بخلاف كفارة الأذى فان النص ورد فيها بالتخيير وأيضا فإنهما متفقان في قدر الصيام بخلاف الظهار فكان حمل كفارة اليمين عليها لموافقتها لها في التخيير أولى من حملها على كفارة المواقع مع مخالفتها والى هذا أشار ابن المنير وقد يستدل لذلك بما أخرجه ابن ماجة عن ابن عباس قال
(٥١٥)