الطيبي للجواب عن الاشكال بطريق آخر فقال يجوز أن يراد بالنار الحبس والكرب والشدة التي كان أهل الموقف فيها من دنو الشمس إلى رؤسهم وكربهم بحرها وسفعها حتى ألجمهم العرق وان يراد بالخروج منها خلاصهم من تلك الحالة التي كانوا فيها (قلت) وهو احتمال بعيد الا أن يقال إنه يقع اخراجان وقع ذكر أحدهما في حديث الباب على اختلاف طرقه والمراد به الخلاص من كرب الموقف والثاني في حديث الباب الذي يليه ويكون قوله فيه فيقول من كان يعبد شيئا فليتبعه بعد تمام الخلاص من الموقف ونصب الصراط والاذن في المرور عليه ويقع الاخراج الثاني لمن يسقط في النار حال المرور فيتحدا وقد أشرت إلى الاحتمال المذكور في شرح حديث العرق في باب قوله تعالى ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون والعلم عند الله تعالى وأجاب القرطبي عن أصل الاشكال بان في قوله آخر حديث أبي زرعة عن أبي هريرة بعد قوله صلى الله عليه وسلم فأقول يا رب أمتي أمتي فيقال أدخل من أمتك من الباب الأيمن من أبواب الجنة من لا حساب عليه ولا عذاب قال في هذا ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع فيما طلب من تعجيل الحساب فإنه لما أذن له في إدخال من لا حساب عليه دل على تأخير من عليه حساب ليحاسب ووقع في حديث الصور الطويل عند أبي يعلى فأقول يا رب وعدتني الشفاعة فشفعني في أهل الجنة يدخلون الجنة فيقول الله وقد شفعتك فيهم وأذنت لهم في دخول الجنة (قلت) وفيه اشعار بان العرض والميزان وتطاير الصحف يقع في هذا الموطن ثم ينادي المنادي ليتبع كل أمة من كانت تعبد فيسقط الكفار في النار ثم يميز بين المؤمنين والمنافقين بالامتحان بالسجود عند كشف الساق ثم يؤذن في نصب الصراط والمرور عليه فيطفأ نور المنافقين فيسقطون في النار أيضا ويمر المؤمنون عليه إلى الجنة فمن العصاة من يسقط ويوقف بعض من نجا عند القنطرة للمقاصصة بينهم ثم يدخلون الجنة وسيأتي تفصيل ذلك واضحا في شرح حديث الباب الذي يليه إن شاء الله تعالى ثم وقفت في تفسير يحيى بن سلام البصري نزيل مصر ثم إفريقية وهو في طبقة يزيد بن هارون وقد ضعفه الدارقطني وقال أبو حاتم الرازي صدوق وقال أبو زرعة ربما وهم وقال ابن عدي يكتب حديثه مع ضعفه فنقل فيه عن الكلبي قال إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار بقيت زمرة من آخر زمر الجنة إذا خرج المؤمنون من الصراط بأعمالهم فيقول آخر زمرة من زمر النار لهم وقد بلغت النار منهم كل مبلغ أما نحن فقد أخذنا بما في قلوبنا من الشك والتكذيب فما نفعكم أنتم توحيدكم قال فيصرخون عند ذلك يدعون ربهم فيسمعهم أهل الجنة فيأتون آدم فذكر الحديث في اتيانهم الأنبياء المذكورين قبل واحدا واحدا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فينطلق فيأتي رب العزة فيسجد له حتى يأمره أن يرفع رأسه ثم يسأله ما تريد وهو أعلم به فيقول رب أناس من عبادك أصحاب ذنوب لم يشركوا بك وأنت أعلم بهم فعيرهم أهل الشرك بعبادتهم إياك فيقول وعزتي لأخرجنهم فيخرجهم قد احترقوا فينضح عليهم من الماء حتى ينبتوا ثم يدخلون الجنة فيسمون الجهنميين فيغبطه عند ذلك الأولون والآخرون فذلك قوله عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا (قلت) فهذا لو ثبت لرفع الاشكال لكن الكلبي ضعيف ومع ذلك لم يسنده ثم هو مخالف لصريح الأحاديث الصحيحة ان سؤال المؤمنين الأنبياء واحدا بعد واحد انما يقع في الموقف قبل دخول المؤمنين الجنة والله أعلم وقد تمسك بعض المبتدعة من المرجئة
(٣٨١)