فتحصل لنا من كلام هؤلاء الأئمة على خمسة أجوبة والعلم عند الله تعالى ثم وجدت لقول ثعلب ومن وافقه مستندا وهو ما أخرجه الطبراني ومحمد بن سنجز في مسنده وعمر بن شيبة في أخبار المدينة من طريق نافع مولى حمنة عن أم قيس بنت محصن وهي أخت عكاشة أنها خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى البقيع فقال يحشر من هذه المقبرة سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب كأن وجوههم القمر ليلة البدر فقام رجل فقال يا رسول الله وأنا قال وأنت فقام آخر فقال وأنا قال سبقك بها عكاشة قال قلت لها لم لم يقل للآخر فقالت أراه كان منافقا فإن كان هذا أصل ما جزم به من قال كان منافقا فلا يدفع تأويل غيره إذ ليس فيه الا الظن الحديث الثاني (قوله عبد الله) هو ابن المبارك ويونس هو ابن يزيد الأيلي وقد أخرجه مسلم من رواية عبد الله ابن وهب عن يونس لكن معاذ بن أسد شيخ البخاري فيه معروف بالرواية عن ابن المبارك لا عن ابن وهب وقد أخرجه مسلم من وجهين آخرين عن أبي هريرة (قوله يدخل الجنة من أمتي زمرة) بضم الزاي وسكون الميم هي الجماعة إذا كان بعضهم اثر بعض (قوله سبعون ألفا) تقدم شرحه مستوفي في الذي قبله وعرف من مجموع الطرق التي ذكرتها أن أول من يدخل الجنة من هذه الأمة هؤلاء السبعون الذين بالصفة المذكورة ومعنى المعية في قوله في الروايات الماضية مع كل ألف سبعون ألفا أو مع كل واحد منهم سبعون ألفا يحتمل أن يدخلوا بدخولهم تبعا لهم وان لم يكن لهم مثل أعمالهم كما مضى حديث المرء مع من أحب ويحتمل أن يراد بالمعية مجرد دخولهم الجنة بغير حساب وان دخولها في الزمرة الثانية أو ما بعدها وهذا أولى وقد أخرج الحاكم والبيهقي في البعث من طريق جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جابر رفعه من زادت حسناته على سيآته فذاك الذي يدخل الجنة بغير حساب ومن استوت حسناته وسيئاته فذاك الذي يحاسب حسابا يسيرا ومن أوبق نفسه فهو الذي يشفع فيه بعد أن يعذب وفي التقييد بقوله أمتي إخراج غير الأمة المحمدية من العدد المذكور وليس فيه نفي دخول أحد من غير هذه الأمة على الصفة المذكورة من شبه القمر ومن الأولية وغير ذلك كالأنبياء ومن شاء الله من الشهداء والصديقين والصالحين وان ثبت حديث أم قيس ففيه تخصيص آخر بمن يدفن في البقيع من هذه الأمة وهي مزية عظيمة لأهل المدينة والله أعلم (قوله تضئ وجوهم إضاءة القمر ليلة البدر) في رواية لمسلم على صورة القمر قال القرطبي المراد بالصورة الصفة يعني انهم في اشراق وجوهم على صفة القمر ليلة تمامه وهي ليلة أربعة عشر ويؤخذ منه أن أنوار أهل الجنة تتفاوت بحسب درجاتهم (قلت) وكذا صفاتهم في الجمال ونحوه (قوله يرفع نمرة عليه) بفتح النون وكسر الميم هي كساء من صوف كالشملة مخططة بسواد وبياض يلبسها الاعراب * الحديث الثالث (قوله أبو غسان) بغين معجمة ثم مهملة ثقيلة وأبو حازم هو سلمة بن دينار (قوله ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا أو سبعمائة ألف شك في أحدهما) في رواية مسلم من طريق عبد العزيز بن محمد عن أبي حازم لا يدري أبو حازم أيهما قال (قوله متماسكين) بالنصب على الحال وفي رواية مسلم متماسكون بالرفع على الصفة قال النووي كذا في معظم النسخ وفي بعضها بالنصب وكلاهما صحيح (قوله آخذ بعضهم ببعض) في رواية مسلم بعضهم بعضا (قوله حتى يدخل أولهم وآخرهم) هو غاية للتماسك المذكور والاخذ بالأيدي وفي رواية فضيل بن سليمان
(٣٥٩)