الاختلاف هل قال ادع لي أو قال أمنهم أنا كما وقع في الذي قبله ووقع في حديث أبي هريرة الذي بعده رجل من الأنصار وجاء من طريق واهية أنه سعد بن عبادة أخرجه الخطيب في المبهمات من طريق أبي حذيفة إسحاق بن بشر البخاري أحد الضعفاء من طريقين له عن مجاهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انصرف من غزاة بني المصطلق فساق قصة طويلة وفيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أهل الجنة عشرون ومائة صف ثمانون صفا منها أمتي وأربعون صفا سائر الأمم ولى مع هؤلاء سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب قيل من هم فذكر الحديث وفيه فقال اللهم اجعل عكاشة منهم قال فاستشهد بعد ذلك ثم قام سعد بن عبادة الأنصاري فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم الحديث وهذا مع ضعفه وارساله يستبعد من جهة جلالة سعد بن عبادة فإن كان محفوظا فلعله آخر باسم سيد الخزرج واسم أبيه ونسبته فان في الصحابة كذلك آخر له في مسند بقي بن مخلد حديث وفي الصحابة سعد بن عمارة الأنصاري فلعل اسم أبيه تحرف (قوله سبقك بها عكاشة) اتفق جمهور الرواة على ذلك الا ما وقع عند ابن أبي شيبة والبزار وأبي يعلى من حديث أبي سعيد فزاد فقام رجل آخر فقال ادع الله أن يجعلني منهم وقال في آخره سبقك بها عكاشة وصاحبه أما لو قلتم لقلت ولو قلت لوجبت وفي سنده عطية وهو ضعيف وقد اختلفت أجوبة العلماء في الحكمة في قوله سبقك بها عكاشة فأخرج ابن الجوزي في كشف المشكل من طريق أبي عمر الزاهد أنه سأل أبا العباس أحمد بن يحيى المعروف بثعلب عن ذلك فقال كان منافقا وكذا نقله الدارقطني عن القاضي أبي العباس البرتي بكسر الموحدة وسكون الراء بعدها مثناة فقال كان الثاني منافقا وكان صلى الله عليه وسلم لا يسئل في شئ الا أعطاه فاجابه بذلك ونقل ابن عبد البر عن بعض أهل العلم نحو قول ثعلب وقال ابن ناصر قول ثعلب أولى من رواية مجاهد لان سندها واه واستبعد السهيلي قول ثعلب بما وقع في مسند البزار من وجه آخر عن أبي هريرة فقام رجل من خيار المهاجرين وسنده ضعيف جدا مع كونه مخالفا لرواية الصحيح أنه من الأنصار وقال ابن بطال معنى قوله سبقك أي إلى احراز هذه الصفات وهي التوكل وعدم التطير وما ذكر معه وعدل عن قوله لست منهم أو لست على أخلاقهم تلطفا بأصحابه صلى الله عليه وسلم وحسن أدبه معهم وقال ابن الجوزي يظهر لي أن الأول سأل عن صدق قلب فأجيب وأما الثاني فيحتمل أن يكون أريد به حسم المادة فلو قال للثاني نعم لأوشك أن يقوم ثالث ورابع إلى مالا نهاية له وليس كل الناس يصلح لذلك وقال القرطبي لم يكن عند الثاني من تلك الأحوال ما كان عند عكاشة فلذلك لم يجب إذ لو أجابه لجاز أن يطلب ذلك كل من كان حاضرا فيتسلسل فسد الباب بقوله ذلك وهذا أولى من قول من قال كان منافقا لوجهين أحدهما أن الأصل في الصحابة عدم النفاق فلا يثبت ما يخالف ذلك الا بنقل صحيح والثاني أنه قل أن يصدر مثل هذا السؤال الا عن قصد صحيح ويقين بتصديق الرسول وكيف يصدر ذلك من منافق والى هذا جنح ابن تيمية وصحح النووي أن النبي صلى الله عليه وسلم علم بالوحي أنه يجاب في عكاشة ولم يقع ذلك في حق الاخر وقال السهيلي الذي عندي في هذا أنها كانت ساعة إجابة علمها صلى الله عليه وسلم واتفق أن الرجل قال بعد ما انقضت ويبينه ما وقع في حديث أبي سعيد ثم جلسوا ساعة يتحدثون وفي رواية ابن إسحاق بعد قوله سبقك بها عكاشة وبردت الدعوة أي انقضى وقتها (قلت)
(٣٥٨)