(قوله جئ بالموت) تقدم في تفسير سورة مريم من حديث أبي سعيد يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح وذكر مقاتل والكلبي في تفسيرهما في قوله تعالى الذي خلق الموت والحياة قال خلق الموت في صورة كبش لا يمر على أحد الا مات وخلق الحياة على صورة فرس لا يمر على شئ الا حيي قال القرطبي الحكمة في الاتيان بالموت هكذا الإشارة إلى انهم حصل لهم الفداء به كما فدى ولد إبراهيم بالكبش وفي الأملح إشارة إلى صفتي أهل الجنة والنار لان الأملح ما فيه بياض وسواد (قوله حتى يجعل بين الجنة والنار) وقع للترمذي من حديث أبي هريرة فيوقف على السور الذي بين الجنة والنار (قوله ثم يذبح) لم يسم من ذبحه ونقل القرطبي عن بعض الصوفية ان الذي يذبحه يحيى بن زكريا بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم إشارة إلى دوام الحياة وعن بعض التصانيف انه جبريل (قلت) هو في تفسير إسماعيل بن أبي زياد الشامي أحد الضعفاء في آخر حديث الصور الطويل فقال فيه فيحيى الله تعالى ملك الموت وجبريل وميكائيل وإسرافيل ويجعل الموت في صورة كبش أملح فيذبح جبريل الكبش وهو الموت (قوله ثم ينادي مناد) لم أقف على تسميته وتقدم في الباب الذي قبله من وجه آخر عن ابن عمر بلفظ ثم يقوم مؤذن بينهم وفي حديث أبي سعيد بعد قوله أملح فينادي مناد وظاهره ان الذبح يقع بعد النداء والذي هنا يقتضي أن النداء بعد الذبح ولا منافاة بينهما فان النداء الذي قبل الذبح للتنبيه على رؤية لكبش والذي بعد الذبح لتنبيه على اعدامه وأنه لا يعود (قوله يا أهل الجنة لا موت) زاد في الباب الماضي خلود ووقع في حديث أبي سعيد فينادي مناد يا أهل الجنة فيشرئبون ويظرون فيقول هل تعرفون هذا فيقولون نعم وكلهم قد رآه وعرفه وذكر في أهل النار مثله قال فيذبح ثم يقول أي المنادي يا أهل الجنة خلود فلا موت الحديث وفي آخره ثم قرأ وأنذرهم يوم الحسرة إلى اخر الآية وعند الترمذي في آخر حديث أبي سعيد فلو أن أحدا مات فرحا لمات أهل الجنة ولو أن أحدا مات حزنا لمات أهل النار وقوله فيشرئبون بفتح أوله وسكون المعجمة وفتح الراء بعدها تحتانية مهموزة ثم موحدة ثقيلة أي يمدون أعناقهم ويرفعون رؤسهم للنظر ووقع عند ابن ماجة وفي صحيح ابن حبان من وجه آخر عن أبي هريرة فيوقف على الصراط فيقال يا أهل الجنة فيطلعون خائفين أن يخرجوا من مكانهم الذي هم فيه ثم يقال يا أهل النار فيطلعون فرحين مستبشرين أن يخرجوا من مكانهم الذي هم فيه وفي آخره ثم يقال للفريقين كلاهما خلود فيما تجدون لا موت فيه أبدا وفي رواية الترمذي فيقال لأهل الجنة وأهل النار هل تعرفون هذا فيقولون قد عرفناه هو الموت الذي وكل بنا فيضجع فيذبح ذبحا على السور قال القاضي أبو بكر بن العربي استشكل هذا الحديث لكونه يخالف صريح العقل لان الموت عرض والعرض لا ينقلب جسما فكيف يذبح فأنكرت طائفة صحة هذا الحديث ودفعته وتأولته طائفة فقالوا هذا تمثيل ولا ذبح هناك حقيقة وقالت طائفة بل الذبح على حقيقته والمذبوح متولي الموت وكلهم يعرفه لأنه الذي تولى قبض أرواحهم (قلت) وارتضى هذا بعض المتأخرين وحمل قوله هو الموت الذي وكل بنا على أن المراد به ملك الموت لأنه هو الذي وكل بهم في الدنيا كما قال تعالى في سورة ألم السجدة واستشهد له من حيث المعنى بان ملك الموت لو استمر حيا لنغص عيش أهل الجنة وأيده بقوله في حديث الباب فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم وتعقب بأن الجنة لا حزن فيها البتة وما وقع في رواية ابن
(٣٦٢)