وأخرج أحمد والحاكم من حديث جابر بن عبد الله بن أنيس رفعه لا ينبغي لاحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولاحد من أهل النار عنده مظلمة حتى أقصه منه حتى اللطمة قلنا يا رسول الله كيف وانما نحشر حفاة عراة قال بالسيئات والحسنات وعلق البخاري طرفا منه في التوحيد كما سيأتي وفي حديث أبي أمامة في نحو حديث أبي سعيد ان الله يقول لا يجاوزني اليوم ظلم ظالم وفيه دلالة على موازنة الأعمال يوم القيامة وقد صنف فيه الحميدي صاحب الجمع كتابا لطيفا وتعقب أبو طالب عقيل بن عطية أكثره في كتاب سماه تحرير المقال في موازنة الأعمال وفي حديث الباب وما بعده دلالة على ضعف الحديث الذي أخرجه مسلم من رواية غيلان بن جرير عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه رفعه يجئ يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال يغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى فقد ضعفه البيهقي وقال تفرد به شداد أبو طلحة والكافر لا يعاقب بذنب غيره لقوله تعالى ولا تزر وازرة وزر أخرى وقد أخرج أصل الحديث مسلم من وجه آخر عن أبي بردة بلفظ إذا كان يوم القيامة دفع الله إلى كل مسلم يهوديا أو نصرانيا فيقول هذا فداؤك من النار قال البيهقي ومع ذلك فضعفه البخاري وقال الحديث في الشفاعة أصح قال البيهقي ويحتمل أن يكون الفداء في قوم كانت ذنوبهم كفرت عنهم في حياتهم وحديث الشفاعة في قوم لم تكفر ذنوبهم ويحتمل أن يكون هذا القول لهم في الفداء بعد خروجهم من النار بالشفاعة وقال غيره يحتمل أن يكون الفداء مجازا عما يدل عليه حديث أبي هريرة الآتي في أواخر باب صفة الجنة والنار قريبا بلفظ لا يدخل الجنة أحد الا أرى مقعده من النار لو أساء ليزداد شكرا الحديث وفيه في مقابله ليكون عليه حسرة فيكون المراد بالفداء انزال المؤمن في مقعد الكافر من الجنة الذي كان أعد له وانزال الكافر في مقعد المؤمن الذي كان أعد له وقد يلاحظ في ذلك قوله تعالى وتلك الجنة التي أورثتموها وبذلك أجاب النووي تبعا لغيره وأما رواية غيلان بن جرير فأولها النووي أيضا تبعا لغيره بأن الله يغفر تلك الذنوب للمسلمين فإذا سقطت عنهم وضعت على اليهود والنصارى مثلها بكفرهم فيعاقبون بذنوبهم لا بذنوب المسلمين ويكون قوله ويضعها أي يضع مثلها لأنه لما أسقط عن المسلمين سيآتهم وأبقى على الكفار سيآتهم صاروا في معنى من حمل اثم الفريقين لكونهم انفردوا بحمل الاثم الباقي وهو اثمهم ويحتمل أن يكون المراد آثاما كانت الكفار سببا فيها بأن سنوها فلما غفرت سيئات المؤمنين بقيت سيئات الذي سن تلك السنة السيئة باقية لكون الكافر لا يغفر له فيكون الوضع كناية عن ابقاء الذنب الذي لحق الكافر بما سنه من عمله السئ ووضعه عن المؤمن الذي فعله بما من الله به عليه من العفو والشفاعة سواء كان ذلك قبل دخول النار أو بعد دخولها والخروج منها بالشفاعة وهذا الثاني أقوى والله أعلم * الحديث الثالث (قوله حدثنا الصلت بن محمد) بفتح الصاد المهملة وسكون الام بعده تاء مثناة من فوق وهو الخاركي بخاء معجمة وكاف (قوله حدثنا يزيد بن زريع ونزعنا ما في صدورهم من غل قال حدثنا سعيد) أي قرأ يزيد هذه الآية وفسرها بالحديث المذكور وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع بهذا السند إلى أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية ونزعنا ما في صدروهم من غل إخوانا على سرر متقابلين قال يخلص المؤمنون الحديث وظاهره أن تلاوة الآية مرفوع
(٣٤٥)