المصبح وشبه من أطاعه من أمته ومن عصاه بمن كذب الرجل في انذاره ومن صدقه * الحديث الثاني حديث أبي هريرة جزم المزي في الأطراف بأن البخاري ذكره في أحاديث الأنبياء ولم يذكر أنه أورده في الرقاق فوجدته في أحاديث الأنبياء في ترجمة سليمان عليه السلام لكنه لم يذكر الا طرفا منه ولم استحضره إذ ذاك في الرقاق فشرحته هناك ثم ظفرت به هنا فأذكر الآن من شرحه ما لم يتقدم (قوله استوقد) بمعنى أوقد وهو أبلغ والإضاءة فرط الإنارة (قوله فلما أضاءت ما حوله) اختصرها المؤلف هناك ونسبتها انا لتخريج أحمد ومسلم من طريق همام وهي في رواية شعيب كما ترى وكأنه تبرك بلفظ الآية ووقع في رواية مسلم ما حولها والضمير للنار والأول للذي أوقد النار وحول الشئ جانبه الذي يمكن أن ينتقل إليه وسمى بذلك إشارة إلى الدوران ومنه قيل للعام حول (قوله الفراش) جزم المازري بأنها الجنادب وتعقبه عياض فقال الجندب هو الصرار (قلت) والحق ان الفراش اسم لنوع من الطير مستقل له أجنحة أكبر من جثته وأنواعه مختلفة في الكبر والصغر وكذا أجنحته وعطف الدواب على الفراش يشعر بأنها غير الجنادب والجراد وأغرب ابن قتيبة فقال الفراش ما تهافت في النار من البعوض ومقتضاه ان بعض البعوض هو الذي يقع في النار ويسمى حينئذ الفراش وقال الخليل الفراش كالبعوض وإنما شبهه به لكونه يلقى نفسه في النار لا أنه يشارك البعوض في القرص (قوله وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها) القول فيه كالقول في الذي قبله اختصره هناك فنسبته لتخريج أبي نعيم وهو في رواية شعيب كما ترى ويدخل فيما يقع في النار البعوض والبرغش ووقع في كلام بعض الشراح البق والمراد به البعوض (قوله فجعل) في رواية الكشميهني وجعل ومن هذه الكلمة إلى آخر الحديث لم يذكره المصنف هناك (قوله فجعل) الرجل يزعهن بفتح التحتانية والزاي وضم العين المهملة أي يدفعهن وفي رواية ينزعهن بزيادة نون وعند مسلم من طريق همام عن أبي هريرة وجعل يحجزهن ويغلبنه فيتقحمن فيها (قوله فيقتحمن فيها) أي يدخلن وأصله القحم وهو الاقدام والوقوع في الأمور الشاقة من غير تثبت ويطلق على رمى الشئ بغتة واقتحم الدار هجم عليها (قوله فأنا آخذ) قال النووي روى باسم الفاعل ويروي بصيغة المضارعة من المتكلم (قلت) هذا في رواية مسلم والأول هو الذي وقع في البخاري وقال الطيبي الفاء فيه فصيحة كأنه لما قال مثلي ومثل الناس الخ أتى بما هو أهم وهو قوله فأنا آخذ بحجزكم ومن هذه الدقيقة التفت من الغيبة في قوله مثل الناس إلى الخطاب في قوله بحجزكم كما أن من أخذ في حديث من له بشأنه عناية وهو مشتغل في شئ يورطه في الهلاك يجد لشدة حرصه على نجاته أنه حاضر عنده وفيه إشارة إلى أن الانسان إلى النذير أحوج منه إلى البشير لان جبلته مائلة إلى الحظ العاجل دون الحظ الاجل وفي الحديث ما كان فيه صلى الله عليه وسلم من الرأفة والرحمة والحرص على نجاة الأمة كما قال تعالى حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم (قوله بحجزكم) بضم المهملة وفتح الجيم بعدها زاي جمع حجزه وهي معقد الازار ومن السراويل موضع التكة ويجوز ضم الجيم في الجمع (قوله عن النار وضع المسبب موضع السبب لان المراد أنه يمنعهم من الوقوع في المعاصي التي تكون سببا لولوج النار (قوله وأنتم) في رواية الكشميهني وهم وعليها شرح الكرماني فقال كان القياس أن يقول وأنتم ولكنه قال وهم وفيه التفات وفيه إشارة إلى أن من أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجزته لا اقتحام
(٢٧٢)