الاحتمال واستدل بقوله حسنة كاملة على انها تكتب حسنة مضاعفة لان ذلك هو الكمال لكنه مشكل يلزم منه مساواة من نوى الخير بمن فعله في أن كلا منهما يكتب له حسنة وأجيب بأن التضعيف في الآية يقتضي اختصاصه بالعامل لقوله تعالى من جاء بالحسنة والمجئ بها هو العمل وأما الناوي فإنما ورد أنه يكتب له حسنة ومعناه يكتب له مثل ثواب الحسنة والتضعيف قدر زائد على أصل الحسنة والعلم عند الله تعالى (قوله فإن هم بها وعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات) يؤخذ منه رفع توهم أن حسنة الإرادة تضاف إلى عشرة التضعيف فتكون الجملة إحدى عشرة على ما هو ظاهر رواية جعفر بن سليمان عند مسلم ولفظه فإن عملها كتبت له عشر أمثالها وكذا في حديث أبي هريرة وفي بعض طرقه احتمال ورواية عبد الوارث في الباب ظاهرة فيما قلته وهو المعتمد قال ابن عبد السلام في أماليه معنى الحديث إذا هم بحسنة كتبت له حسنة فان عملها كملت له عشرة لأنا نأخذ بقيد كونها قد هم بها وكذا السيئة إذا عملها لا تكتب واحدة للهم وأخرى للعمل بل تكتب واحدة فقط (قلت) الثاني صريح في حديث هذا الباب وهو مقتضى كونها في جميع الطرق لا تكتب بمجرد الهم وأما حسنة الهم بالحسنة فالاحتمال قائم وقوله بقيد كونها قد هم بها يعكر عليه من عمل حسنة بغتة من غير أن يسبق له أنه هم بها فإن قضية كلامه أنه يكتب له تسعة وهو خلاف ظاهر الآية من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها فإنه يتناول من هم بها ومن لم يهم والتحقيق أن حسنة من هم بها تندرج في عشرة العمل لكن تكون حسنة من هم بها أعظم قدرا ممن لم يهم بها والعلم عند الله تعالى (قوله إلى سبعمائة ضعف) الضعف في اللغة المثل والتحقيق أنه اسم يقع على العدد بشرط أن يكون معه عدد آخر فإذا قيل ضعف العشرة فهم أن المراد عشرون ومن ذلك لو أقر بأن له عندي ضعف درهم لزمه درهمان أو ضعفي درهم لزمه ثلاثة (قوله إلى أضعاف كثيرة) لم يقع في شئ من طرق حديث أبي هريرة إلى أضعاف كثيرة الا في حديثه الماضي في الصيام فان في بعض طرقه عند مسلم إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله وله من حديث أبي ذر رفعه يقول الله من عمل حسنة فله عشر أمثالها وأزيد وهو بفتح الهمزة وكسر الزاي وهذا يدل على أن تضعيف حسنة العمل إلى عشرة مجزوم به وما زاد عليها جائز وقوعه بحسب الزيادة في الاخلاص وصدق العزم وحضور القلب وتعدى النفع كالصدقة الجارية والعلم النافع والسنة الحسنة وشرف العمل ونحو ذلك وقد قيل إن العمل الذي يضاعف إلى سبعمائة خاص بالنفقة في سبيل الله وتمسك قائله بما في حديث خريم بن فاتك المشار إليه قريبا رفعه من هم بحسنة فلم يعملها فذكر الحديث وفيه ومن عمل حسنة كانت له بعشر أمثالها ومن أنفق نفقة في سبيل الله كانت له بسبعمائة ضعف وتعقب بأنه صريح في أن النفقة في سبيل الله تضاعف إلى سبعمائة وليس فيه نفى ذلك عن غيرها صريحا ويدل على التعميم حديث أبي هريرة الماضي في الصيام كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف الحديث واختلف في قوله تعالى والله يضاعف لمن يشاء هل المراد المضاعفة إلى سبعمائة فقط أو زيادة على ذلك فالأول هو المحقق من سياق الآية والثاني محتمل ويؤيد الجواز سعة الفضل (قوله ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة) المراد بالكمال عظم القدر كما تقدم لا التضعيف إلى العشرة ولم يقع التقييد بكاملة في طرق حديث أبي هريرة وظاهر
(٢٧٩)