(قلت) وسبق إلى ذلك يعقوب بن السكيت وغيره وسمى الذي حمل عليه عوف بن عامر اليشكري وان المرأة كانت من بني كنانة وتعقب باستبعاد تنزيل هذه القصة على لفظ الحديث لأنه ليس فيها انه كان عريانا وزعم ابن الكلبي ان النذير العريان امرأة من بني عامر بن كعب لما قتل المنذر ابن ماء السماء أولاد أبي داود وكان جار المنذر خشيت على قومها فركبت جملا ولحقت بهم وقالت أنا النذير العريان ويقال أول من قاله أبرهة الحبشي لما أصابته الرمية بتهامة ورجع إلى اليمن وقد سقط لحمه وذكر أبو بشر الآمدي أن زنبرا بزاي ونون ساكنة ثم موحدة ابن عمرو الخثعمي كان ناكحا في آل زبيد فأرادوا أن يغزوا قومه وخشوا أن ينذر بهم فحرسه أربعة نفر فصادف منهم غرة فقذف ثيابه وعدا وكان من أشد الناس عدوا فأنذر قومه وقال غيره الأصل فيه أن رجلا لقي جيشا فسلبوه وأسروه فانفلت إلى قومه فقال اني رأيت الجيش فسلبوني فرأوه عريانا فتحققوا صدقه لانهم كانوا يعرفونه ولا يتهمونه في النصحية ولا جرت عادته بالتعري فقطعوا بصدقه لهذه القرائن فضرب النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه ولما جاء به مثلا بذلك لما أبداه من الخوارق والمعجزات الدالة على القطع بصدقه تقريبا لافهام المخاطبين بما يألفونه ويعرفونه (قلت) ويؤيده ما أخرجه الرامهرمزي في الأمثال وهو عند أحمد أيضا سند جيد من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فنادى ثلاث مرات أيها الناس مثلي ومثلكم مثل قوم خافوا عدوا أن يأتيهم فبعثوا رجلا يترايا لهم فبينما هم كذلك إذ أبصر العدو فأقبل لينذر قومه فخشي أن يدركه العدو قبل أن ينذر قومه فأهوى بثوبه أيها الناس أتيتم ثلاث مرات وأحسن ما فسر به الحديث من الحديث وهذا كله يدل على أن العريان من التعري وهو المعروف في الرواية وحكى الخطابي ان محمد بن خالد رواه بالموحدة قال فإن كان محفوظا فمعناه الفصيح بالانذار لا يكنى ولا يورى يقال رجل عريان أي فصيح اللسان (قوله فالنجاء النجاء) بالمد فيهما وبمد الأولى وقصر الثانية وبالقصر فيهما تخفيفا وهو منصوب على الاغراء أي اطلبوا النجاء بأن تسرعوا الهرب إشارة إلى أنهم لا يطيقون مقاومة ذلك الجيش قال الطيبي في كلامه أنواع من التأكيدات أحدها بعيني ثانيها قوله واني أنا ثالثها قوله العريان لأنه الغاية في قرب العدو ولأنه الذي يختص في انذاره بالصدق (قوله فأطاعه طائفة) كذا فيه بالتذكير لان المراد بعض القوم (قوله فأدلجوا) بهمزة قطع ثم سكون أي ساروا أول الليل أو ساروا الليل كله على الاختلاف في مدلول هذه اللفظة واما بالوصل والتشديد على أن المراد به سير آخر الليل فلا يناسب هذا المقام (قوله على مهلهم) بفتحتين والمراد به الهينة والسكون وبفتح أوله وسكون ثانيه الامهال وليس مرادا هنا وفي رواية مسلم على مهلتهم بزيادة تاء تأنيث وضبطه النووي بضم الميم وسكون الهاء وفتح اللام (قوله وكذبته طائفة) قال الطيبي عبر في الفرقة الأولى بالطاعة وفي الثانية بالتكذيب ليؤذن بأن الطاعة مسبوقة بالتصديق ويشعر بأن التكذيب مستتبع للعصيان (قوله فصبحهم الجيش) أي أتاهم صباحا هذا أصله ثم كثر استعماله حتى استعمل فيمن طرق بغتة في أي وقت كان (قوله فاجتاحهم) بجيم ثم حاء مهملة أي استأصلهم من جحت الشئ أجوحه إذا استأصلته والاسم الجائحة وهي الهلاك وأطلقت على الآفة لأنها مهلكة قال الطيبي شبه صلى الله عليه وسلم نفسه بالرجل وانذاره بالعذاب القريب بانذار الرجل قومه بالجيش
(٢٧١)