في أوله أنه سمع أبا سعيد الخدري يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله فقال إن مما أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم وفي رواية السرخسي اني مما أخاف وما في قوله ما يفتح في موضع نصب لأنها اسم ان ومما في قوله إن مما في موضع رفع لأنها الخبر (قوله زهرة الدنيا) زاد هلال وزينتها وهو عطف تفسير وزهرة الدنيا بفتح الزاي وسكون الهاء وقد قرئ في الشاذ عن الحسن وغيره بفتح الهاء فقيل هما بمعنى مثل جهرة وجهرة وقيل بالتحريك جمع زاهر كفاجر وفجرة والمراد بالزهرة الزينة والبهجة كما في الحديث والزهرة مأخوذة من زهرة الشجر وهو نورها بفتح النون والمراد ما فيها من أنواع المتاع والعين والثياب والزروع وغيرها مما يفتخر الناس بحسنه مع قلة البقاء (قوله فقال رجل) لم أقف على اسمه (قوله هل يأتي) في رواية هلال أو يأتي وهي بفتح الواو والهمزة للاستفهام والواو عاطفة على شئ مقدر أي أتصير النعمة عقوبة لان زهرة الدنيا نعمة من الله فهل تعود هذه النعمة نقمة وهو استفهام استرشاد لا إنكار والباء في قوله بالشر صلة ليأتي أي هل يستجلب الخير الشر (قوله ظننت) في رواية الكشميهني ظننا وفي رواية هلال فرأينا بضم الراء وكسر الهمزة وفي رواية الكشميهني فأرينا بضم الهمزة (قوله ينزل عليه) أي الوحي وكأنهم فهموا ذلك بالقرينة من الكيفية التي جرت عادته بها عندما يوحى إليه (قوله ثم جعل يمسح عن جبينه) في رواية الدارقطني العرق وفي رواية هلال فيمسح عنه الرحضاء بضم الراء وفتح المهملة ثم المعجمة والمد هو العرق وقيل الكثير وقيل عرق الحمي وأصل الرحض بفتح ثم سكون الغسل ولهذا فسره الخطابي أنه عرق يرحض الجلد لكثرته (قوله قال أبو سعيد لقد حمدناه حين طلع لذلك) في رواية المستملي حين طلع ذلك وفي رواية هلال وكأنه حمدوه والحاصل أنهم لاموه أولا حيث رأوا سكوت النبي صلى الله عليه وسلم فظنوا أنه أغضبه ثم حمدوه آخرا لما رأوا مسئلته سببا لاستفادة ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وأما قوله وكأنه حمده فأخذوه من قرينة الحال (قوله لا يأتي الخير الا بالخير) زاد في رواية الدارقطني تكرار ذلك ثلاث مرات وفي رواية هلال انه لا يأتي الخير بالشر ويؤخذ منه أن الرزق ولو كثر فهو من جملة الخير وانما يعرض له الشر بعارض البخل به عمن يستحقه والاسراف في انفاقه فيما لم يشرع وأن كل شئ قضى الله أن يكون خيرا فلا يكون شرا وبالعكس ولكن يخشى على من رزق الخير أن يعرض له في تصرفه فيه ما يجلب له الشر ووقع في مرسل سعيد المقبري عند سعيد بن منصور أو خير هو ثلاث مرات وهو استفهام إنكار أي ان المال ليس خيرا حقيقيا وان سمي خيرا لان الخير الحقيقي هو ما يعرض له من الانفاق في الحق كما أن الشر الحقيقي فيه ما يعرض له من الامساك عن الحق والاخراج في الباطل وما ذكر في الحديث بعد ذلك من قوله إن هذا المال خضرة حلوة كضرب المثل بهذه الجملة (قوله إن هذا المال) في رواية الدارقطني ولكن هذا المال إلى آخره ومعناه أن صورة الدنيا حسنة مونقة والعرب تسمي كل شئ مشرق ناضر أخضر وقال ابن الأنباري قوله المال خضرة حلوة ليس هو صفة المال وانما هو للتشبيه كأنه قال المال كالبقلة الخضراء الحلوة أو التاء في قوله خضرة وحلوة باعتبار ما يشتمل عليه المال من زهرة الدنيا أو على معنى فائدة المال أي ان الحياة به أو العيشة أو ان المراد بالمال هنا الدنيا لأنه من زينتها قال الله تعالى المال والبنون زينة الحياة الدنيا وقد وقع في حديث أبي سعيد أيضا المخرج في السنن الدنيا خضرة
(٢٠٩)