عمومها في الكفار وفيمن يرائي بعمله من المسلمين وقد استشهد بها معاوية لصحة الحديث الذي حدث به أبو هريرة مرفوعا في المجاهد والقارئ والمتصدق لقوله تعالى لكل منهم انما عملت ليقال فقد قيل فبكى معاوية لما سمع هذا الحديث ثم تلا هذه الآية أخرجه الترمذي مطولا وأصله عند مسلم وقيل بل هي في حق الكفار خاصة بدليل الحصر في قوله في الآية التي تليها أولئك الذين ليس لهم في الآخرة الا النار والمؤمن في الجملة مآله إلى الجنة بالشفاعة أو مطلق العفو والوعيد في الآية بالنار واحباط العمل وبطلانه انما هو للكافر وأجيب عن ذلك بأن الوعيد بالنسبة إلى ذلك العمل الذي وقع الرياء فيه فقط فيجازي فاعله بذلك الا ان يعفو الله عنه وليس المراد احباط جميع أعماله الصالحة التي لم يقع فيها رياء والحاصل أن من أراد بعمله ثواب الدنيا عجل له وجوزي في الآخرة بالعذاب لتجريده قصد إلى الدنيا واعراضه عن الآخرة وقيل نزلت في المجاهدين خاصة وهو ضعيف وعلى تقدير ثبوته فعمومها شامل لكل مراء وعموم قوله نوف إليهم أعمالهم فيها أي في الدنيا مخصوص بمن لم يقدر الله له ذلك لقوله تعالى من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد فعلى هذا التقييد يحمل ذلك المطلق وكذا يقيد مطلق قوله من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب وبهذا يندفع اشكال من قال قد يوجد بعض الكفار مقترا عليه في الدنيا غير موسع عليه من المال أو من الصحة أو من طول العمر بل قد يوجد من هو منحوس الحظ من جميع ذلك كمن قيل في حقه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين ومناسبة ذكر الآية في الباب لحديثه أن في الحديث إشارة إلى أن الوعيد الذي فيها محمول على التأقيت في حق من وقع له ذلك من المسلمين لا على التأييد لدلالة الحديث على أن مرتكب جنس الكبيرة من المسلمين يدخل الجنة وليس فيه ما ينفى أنه قد يعذب قبل ذلك كما أنه ليس في الآية ما ينفي أنه قد يدخل الجنة بعد التعذيب على معصية الرياء (قوله حدثنا جرير) هو ابن عبد الحميد وقد روى جرير بن حازم هذا الحديث لكن عن الأعمش عن زيد ابن وهب كما سيأتي بيانه لكن قتيبة لم يدركه ابن حازم وعبد العزيز بن رفيع بفاء ومهملة مصغر مكي سكن الكوفة وهو من صغار التابعين لقى بعض الصحابة كأنس (قوله عن أبي ذر) في رواية الأعمش الماضية في الاستئذان عن زيد بن وهب حدثنا والله أبو ذر بالربذة بفتح الراء والموحدة بعدها معجمة مكان معروف من عمل المدينة النبوية وبينهما ثلاث مراحل من طريق العراق سكنه أبو ذر بأمر عثمان ومات به في خلافته وقد تقدم بيان سبب ذلك في كتاب الزكاة (قوله خرجت ليلة من الليالي فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في يمشي وحده ليس معه إنسان) هو تأكيد لقوله وحده ويحتمل أن يكون لرفع توهم أن يكون معه أحد من غير جنس الانسان من ملك أو جنى وفي رواية الأعمش عن زيد بن وهب عنه كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرة المدينة عشاء فأفادت تعيين الزمان والمكان والحرة مكان معروف بالمدينة من الجانب الشمالي منها وكانت به الوقعة المشهورة في زمن يزيد بن معاوية وقيل الحرة الأرض التي حجارتها سود وهو يشمل جميع جهات المدينة التي لا عمارة فيها وهذا يدل على أن قوله في رواية المعرور بن سويد عن أبي ذر انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في ظل الكعبة وهو يقول هم الأخسرون ورب الكعبة فذكر قصة المكثرون وهي قصة أخرى مختلفة الزمان والمكان والسياق (قوله
(٢٢٢)