يعذب من وقعت منه المعصية في زمان محصور متناه بعذاب دائم غير منقص ولا متناه.
قال: والجواب الاخر: أنه خلد الكفار في النار لعلمه أنهم لو بقوا أبدا لكانوا كفارا. فاستحسن السائل هذين الجوابين منه استحسانا مفرطا، إما لمغايظتي بذلك أو لمطابقتهما ركاكة فهمه.
فقال لي صاحب المجلس: ما تقول في هذين الجوابين ؟
فقلت: اعفني عن الكلام، فقد مضى في هذه المسألة ما فيه كفاية. فأقسم علي وناشدني.
فقلت: إن المعهود من الشافعي والمحفوظ منه كلامه في الفقه، وقياسه في الشرع، فأما أصول العبادات والكلام في العقليات فلم تكن من صناعته، ولو كانت له في ذلك بضاعة لا شتهرت، إذ لم يكن خامل الذكر، فمن نسب إليه الكلام فيما لا يعلمه على طريق القياس والجواب فقد سبه، من أن فساد هذين الجوابين لا يكاد يخفى عمن له أدنى تحصيل:
أما الأول منهما: وهو مماثلته بين إدامة الثواب والعقاب فإنه خطأ في العقل والقياس، وذلك أن مبتدئ النعم المتصلة في تقدير زمان أكثر من زمان الطاعة إن لم يكن ما يفعله مستحقا كان تفضلا، ولا يقال للمتفضل المحسن: لم تفضلت وأحسنت؟ ولا للجواد المنعم: لم جدت وأنعمت، وليس كذلك المعذب على المعصية في تقدير زمان زايد على زمانها، لان ذلك إن لم يكن مستحقا كان ظلما، تعالى الله عن الظلم فالمطالبة بعلة المماثلة بين الموضعين لازمة، والمسألة مع هذا الجواب عما يوجب التخليد قائمة، والعقلاء مجمعون على أن من أعطى زايدا على فعله أكثر من مقدار أجره فليس له قياسا على ذلك أن يعاقب عمرا على ذنبه بأضعاف ما يجب في جرمه.
وأما جوابه الثاني: فهو وإن كان قد ذكره بعض الناس لاحق بالأول في