تعالى في المنام بذبح ولده إسماعيل عليه السلام، فلما سارع إلى المأمور راضيا بالمقدور، وأسلما جميعا صابرين وتله للجبين، نهاه الله عن الذبح بعد متقدم الامر، وأحسن الثناء عليهما، وضاعف لها الاجر، وهذا نظير ما مثلت من أمر السيد وعبده، وهو النهي عن المأمور به قبل وقوع فعله.
قال: فمن سلم لك أن إبراهيم عليه السلام مأمور بذلك من قبل الله سبحانه؟
قلت: سلمه لي من يقر بأن منامات الأنبياء عليهم السلام صادقة ويعترف بأنها وحي في الحقيقة، وسلمه لي من يؤمن بالقرآن ويصدق ما فيه من الاخبار، وقد تضمن الخبر عن إسماعيل أنه قال لأبيه عليهما السلام: (يا أبة افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين) وقول الله تعالى لإبراهيم:
(قد صدقت الرؤيا) وثناؤه عليه، حيث قال: (كذلك نجزي المحسنين)، وليس يحسن من امتثل غير أمر الله في ذبح ولده واضح لمن أنصف من نفسه.
قال: فإني لا اسمي هذا بداء.
فقلت له: ما المانع لك من ذلك، أتوجه الحجة عليك به أم مخالفته للمثال المتقدم ذكره؟
فقال: يمنعني من أن اسميه البداء: أن البداء لا يكشف إلا عن متجدد علم لمن بداله، وظهوره له بعد ستره، وليس في قصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ما يكشف عن تجدد علم الله سبحانه ولا يجوز ذلك عليه، فلهذا قلت:
إنه ليس ببداء.
فقلت له: هذا خلاف لما سلمته لنا من قبل، وأقررت به من أن سيدا لعبد يجوز أن يأمره بما ذكرناه، ثم يمنعه مما أمره به، وينهاه مع علمه بأنه يطيعه في الحالين لغرضه في كشف أمره للحاضرين. ثم يقال لك: ما تنكر من إطلاق