السقوط، لأنه لو كان تعذيب الله عز وجل للكافر بعذاب الأبد إنما هو لأنه علم منه أنه لو بقي أبدا كان كافرا لكان إنما عذبه على تقدير كفر لم يفعله، وهذا هو الظلم في الحقيقة الذي يجب تنزيه الله تعالى عنه، لان العبد لا يفعل الكفر إلا مدة محصورة.
وقد اقتضى هذا الجواب: أن تعذيبه الزائد على مدة كفره هو عذاب على ما لم يفعله، ولو جاز ذلك لجاز أن يبتدئ خلقا ثم يعذبه من غير أن يبقيه ويقدره ويكلفه إذا علم منه أنه لو أبقاه وأقدره وكلفه كان كافرا جاحدا لأنعمه، وقد أجمع أهل العدل على أن ذلك لا يجوز منه سبحانه، وهو كالأول بعينه في العذاب للعلم بالكفر قبل وجوده لا على ما فعله وإحداثه، وقبحها يشهد العقل به ويدل عليه تعالى الله عن إضافة القبيح إليه. فاعلم (فعلم) أنه لا يعتبر في الجواب عن هذا السؤال بما أورده هذا الحاكي عن الشافعي وأن المصير إلى ما قدمناه من الجواب عنه أولى والحمد لله.
فلما سمع المتفقه طعني فيما أورده، وقولي أن الشافعي ليس من أهل العلم بهذه الصناعة، ولا له فيها بضاعة، ظهرت أمارات الغضب في وجهه، وتعذر عليه نصرة ما جاء به، كما تعذر عليه وعلى غيره ممن حضر القدح فيما كنت أجبت به، فتعمد لقطع ما كنا فيه بحديث ابتداء لا يليق بالمجلس ولا يقتضيه فبينا نحن كذلك إذ حضر رجل كانوا يصفونه بالمعرفة وينسبونه إلى الاصطلاح بالفلسفة، فلما استقر به المجلس، حكوا له السؤال وبعض ما جرى فيه من الكلام.
فقال الرجل: هذا سؤال يلزم الكلام فيه، ويجب على من أقر بالشريعة طلب جواب عنه صحيح يعتمد عليه، ثم سألوني الرجوع إلى الكلام والإعادة لما سلف لي من الجواب ليسمع ذلك الرجل الحاضر، فقلت له: ألا سألتم الفقيه إعادة ما كان أورده لعله أن يرضى هذا الشيخ إذا سمعه، وعنيت بالفقيه