لموضع السؤال:
فمنه: أن الله عز وجل أوجب الغسل من المني ولم يوجبه من البول والغائط وليس هو بأنجس منهما، وأكثر العامة يروون أن طاهر. وألزم الحائض قضاء ما تركته من الصيام وأسقط عنها قضاء ما تركته من الصلاة، وهي أوكد من الصيام. وفرض في الزكاة أن يخرج من الأربعين شاة شاة ولم يفرض في الثمانين شاتين، بل فرضهما بعد كمال المائة والعشرين، وهذا خارج عن القياس.
ونهانا عن التحريش بين بهيمتين، وأباحنا اطلاق البهيمة على ما أضعف منها في الصيد. وجعل للرجل أن يطأمن الإماء ما ملكته يمينه ولم يجعل للمرأة أن تمكن من نفسها من ملكته يمينها. وأوجب الحد على من رمى غيره بفجور وأسقطه عن من رماء بالكفر وهو أعظم من الفجور، وأوجب قتل القاتل بشهادة رجلين وحظر جلد الزاني الذي يشهد بالزنا عليه إلا أن يشهد بذلك أربعة شهود.
وهذا كله خارج عن سنن القياس، وقد ذكروا عن ربيعة بن عبد الرحمان أنه قال: سألت سعيد بن المسيب، فقلت: كم في أصبح المرأة؟ قال: عشر من الإبل. قلت: كم في إصبعين؟ قال: عشرون قلت: كم في ثلاث؟ قال:
ثلاثون. قلت: كم في أربع؟ قال: عشرون. قلت: حين عظم جرحها واشتدت مصيبتها نقص عقلها؟ فقال سعيد: أعرابي أنت؟ قلت: بل عالم مثبت أو جاهل متعلم. قال: هي السنة يا ابن أخ، ونحو ذلك مما لو ذهبت إلى استقصائه لطال الخطاب، وفيما أوردته كفاية لذوي الألباب.
قال السائل: فإذا كان القياس عندك في الفروع العقلية صحيحا، ولم يكن في الضرورات التي هي أصولها مستمرا ولا صحيحا، فما تنكر أن يكون كذلك الحكم في السمعيات، فيكون القياس في فروعها المسكوت عنها صحيحا، وإن لم يكن في أصولها المنطوق بها مستمرا ولا صحيحا.
فقلت: أنكرت ذلك من قبل أن المتعبدات السمعية وضعت على خلاف