يا أعرابي؟ قال: أسد يدا سد أبدا، فأمر له بمائة ألف أخرى. قال: ثلثها فإن الله فرد، ثم ثلثها، فقال: الآن ما تقول؟ فقال: أحمد الله وأذمك قال: ولم ويلك؟ قال: لأنه لم يكن لك ولأبيك ميراثا، إنما هو من بيت مال المسلمين أعطيتنيه.
ثم أقبل معاوية على كاتبه، فقال: اكتب للأعرابي جوابا، فلا طاقة لنا به، فكتب:
أما بعد يا علي، فلأوجهن إليك بأربعين حملا من خردل مع كل خردلة ألف مقاتل يشربون الدجلة ويسقون الفرات.
فلما نظر الطرماح إلى ما كتب به الكاتب أقبل على معاوية فقال له:
سوأة لك يا معاوية! فلا أدري أيكما أقل حياء؟ أنت أم كاتبك؟ ويلك!
لو جمعت الجن والإنس وأهل الزبور والفرقان كانوا لا يقولون بما قلت.
قال: ما كتبه عن أمري، قال: إن لم يكن كتبه عن أمرك فقد استضعفك في سلطانك، وإن كان كتبه بأمرك فقد استحييت لك من الكذب، أمن أيهما تعتذر؟ ومن أيهما تعتبر؟ أما إن لعلي صلوات الله عليه ديكا أشتر جيد العنصر، يلتقط الخردل لجيشه وجيوشه، فيجمعه في حوصلته!.
قال: ومن ذلك يا أعرابي؟ قال: ذلك مالك بن الحارث الأشتر.
ثم أخذ الكتاب والجائزة وانطلق به إلى علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، فأقبل معاوية على أصحابه، فقال: نرى لو وجهتكم بأجمعكم في كل ما وجه به صاحبه ما كنتم تؤدون عني عشر عشير ما أدى هذا عن صاحبه (1).