فنظرت في ذلك، فأحيانا أرى قتلهم أفضل من تركهم، وأحيانا أرى العفو عنهم أفضل من قتلهم، والسلام.
فكتب إليه زياد مع يزيد بن حجية التميمي: أما بعد، فقد قرأت كتابك وفهمت رأيك في حجر وأصحابه، فعجبت لاشتباه الأمر عليك فيهم، وقد شهد عليهم بما قد سمعت من هو أعلم بهم، فإن كانت لك حاجة في هذا المصر فلا تردن حجرا وأصحابه إلي.
فأقبل يزيد بن حجية حتى مر بهم بعذراء فقال: يا هؤلاء، أما والله ما أرى برأتكم، ولقد جئت بكتاب فيه الذبح فمروني بما أحببتم مما ترون أنه لكم نافع أعمل به لكم وأنطق به.
فقال حجر: أبلغ معاوية: أنا على بيعتنا لا نستقيلها ولا نقيلها، وإنما شهد علينا الأعداء والأظناء.
فقدم يزيد بالكتاب إلى معاوية وأخبره بقول حجر، فقال معاوية: زياد أصدق عندنا من حجر. فقال عبد الرحمن بن أم الحكم الثقفي، ويقال: عثمان بن عمير الثقفي: جذاذها جذاذها. فقال له معاوية: لا تعن أبرا. فخرج أهل الشام ولا يدرون ما قال معاوية وعبد الرحمان، فأتوا النعمان بن بشير فقالوا له مقالة ابن أم الحكم، فقال النعمان: قتل القوم.
أقبل عامر بن الأسود العجلي وهو بعذراء يريد معاوية ليعلمه بالرجلين اللذين بعث بهما زياد، ولحقا بحجر و أصحابه، فلما ولى ليمضي، قام إليه حجر ابن عدي يرسف في القيود فقال: يا عامر، اسمع مني، أبلغ معاوية: إن دماءنا عليه حرام. وأخبره أنا قد أومنا وصالحناه فليتق الله ولينظر في أمرنا. فقال له نحوا من هذا الكلام، فأعاد عليه حجر مرارا.
فدخل عامر على معاوية فأخبره بأمر الرجلين، فقام يزيد بن أسد البجلي فاستوهب الرجلين، وكان جرير بن عبد الله كتب في أمر الرجلين: أنهما من