لعدوه، وقد خشيت عليك أن يترى (1) في ذلك حتى يؤخذ لعنقك، وقد رأيت أن ترسل إليه، وترهبه، وترعبه، وتسبره، وتخبره، فإنك من مسألته على إحدى خبرتين، إما أن يبدي لك صفحته فتعرف مقالته، وإما أن يستقبلك فيقول ما ليس من رأيه، فيحتمل ذلك عنه فيكون لك في ذلك عاقبة صلاح إن شاء الله تعالى.
فقال له معاوية: إني امرؤ والله لقل ما تركت رأيا لرأي امرئ قط إلا كنت فيه بين أن أرى ما أكره وبين بين، ولكن إن أرسلت إليه فسألته فخرج من مساءلتي بأمر لا أجد عليه مقدما ويملأني غيظا لمعرفتي بما يريد، وإن الأمر فيه أن يقبل ما أبدى من لفظه فليس لنا أن نشرح عن صدره، وندع ما وراء ذلك يذهب جانبا.
فقال عمرو: أنا صاحبك يوم رفع المصاحف بصفين، وقد عرفت رأيي ولست أرى خلافي وما آلوك خيرا، فأرسل إليه ولا تفرش مهاد العجز فتتخذه وطيئا.
فأرسل معاوية إلى أبي الأسود، فجاء حتى دخل عليه فكان ثالثا، فرحب به معاوية وقال: يا أبا الأسود خلوت أنا وعمرو فتناجزنا في أصحاب محمد - صلى الله عليه وآله - وقد أحببت أن أكون من رأيك على يقين.
قال: سل يا أمير المؤمنين عما بدا لك.
فقال يا أبا الأسود: أيهم كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله؟
فقال أشدهم حبا لرسول الله صلى الله عليه وآله وأوقاهم له بنفسه.
فنظر معاوية إلى عمرو وحرك رأسه، ثم تمادى في مسألته.
فقال: يا أبا الأسود فأيهم كان أفضلهم عندك؟ قال: أتقاهم لربه