فقال له قيس: وأنا والله قد كنت كارها أن أقوم في هذا المقام، فأحييك بهذه التحية.
فقال له معاوية: ولم؟ وهل أنت حبر من أحبار اليهود؟
فقال له قيس: وأنت يا معاوية كنت صنما من أصنام الجاهلية، دخلت في الإسلام كارها، وخرجت منه طائعا، فقال معاوية: اللهم غفرا مد يدك.
فقال له قيس: إن شئت زدت وزدت (1).
(567) قيس ومعاوية كان قيصر بعث إلى معاوية بعلج من علوج الروم طويل جسيم، معجبا بكمال خلقته وامتداد قامته، فعلم معاوية أنه ليس بمطاولته ومقاومته إلا قيس بن سعد بن عبادة فإنه كان أجسم الناس وأطولهم، فقال له يوما وعنده العلج:
إذا أتيت رحلك فابعث إلي بسراويلك.
فعلم قيس مراده فنزعها ورمى بها إلى العلج، والناس ينظرون، فلبسها العلج فطالت إلى صدره، فعجب الناس وأطرق الرومي مغلوبا، وليم قيس على ما فعل بحضرة معاوية فأنشد يقول:
أردت لكيما يعلم الناس أنها * سراويل قيس والوفود شهود وأن لا يقولوا غاب قيس وهذه * سراويل عاد قد نمته ثمود وإني من القوم ا اليمانين سيد * وما الناس إلا سيد ومسود وبز جميع الناس أصلي ومنصبي * وجسم به أعلو الرجال مديد (2)