عبد الله بن الزبير وطلحة والزبير، فأرسلا إلى عبد الله بن الزبير فأتاهما وأنا معه، فقالا له: إن عثمان قتل مظلوما، وإنا نخاف أن ينقض أمر أمة محمد صلى الله عليه وآله، فإن رأت عائشة أن تخرج معنا، لعل الله أن يرتق بها فتقا، ويشعب بها صدعا.
قال: فخرجنا نمشي حتى انتهينا إليها، فدخل عبد الله بن الزبير معها في سترها فجلست على الباب، فأبلغها ما أرسلا.
فقالت: سبحان الله! والله ما أمرت بالخروج! وما يحضرني من أمهات المؤمنين إلا أم سلمة، فإن خرجت خرجت معها.
فرجع إليهما فبلغهما ذلك، فقالا: ارجع إليهما فلتأتها فهي أثقل عليها منا.
فرجع إليها فبلغها، فأقبلت حتى دخلت على أم سلمة.
فقالت لها أم سلمة: مرحبا بعائشة! والله ما كنت لي بزوارة فما بدا لك؟
قالت: قدم طلحة والزبير فخبرا أن أمير المؤمنين عثمان قتل مظلوما! قال:
فصرخت أم سلمة صرخة أسمعت من في الدار، فقالت:
يا عائشة أنت بالأمس تشهدين عليه بالكفر وهو اليوم أمير المؤمنين قتل مظلوما؟ فما تريدين؟ قالت: تخرجين معنا فلعل الله أن يصلح بخروجنا أمر أمة محمد صلى الله عليه وآله. قالت: يا عائشة أخرج (1) وقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله ما سمعنا؟ نشدتك الله يا عائشة! الذي يعلم صدقك إن صدقت أتذكرين يوما كان يومك من رسول الله صلى الله عليه وآله فصنعت حريرة في بيتي فأتيته بها وهو عليه وآله السلام يقول: " والله لا تذهب الليالي والأيام حتى تتنابح [كلاب] ماء بالعراق يقال له: الحوأب امرأة من نسائي في فئة باغية " فسقط الإناء من يدي، فرفع رأسه إلي وقال: " ما لك يا أم سلمة؟ "