وآله يقول ذلك لأبي ذر؟ فقام أبو هريرة وعشرة فشهدوا بذلك قول (1) علي عليه السلام.
قال ابن عباس: كنت عند أبي على العشاء بعد المغرب، إذ جاء الخادم، فقال: هذا أمير المؤمنين بالباب، فدخل عثمان فجلس. فقال له العباس:
تعش، قال: تعشيت، فوضع يده.
فلما فرغنا من العشاء قام من كان عنده وجلست، وتكلم عثمان، فقال:
يا خال أشكو إليك ابن أخيك - يعني عليا عليه السلام - فإنه أكثر في شتمي ونطق في عرضي، وأنا أعوذ بالله في ظلمكم بني عبد المطلب! إن يكن هذا الأمر لكم فقد سلمتموه إلى من هو أبعد مني، وإن لا يكن لكم فحقي أخذت.
فتكلم العباس، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي، وذكر ما خص الله به قريشا منه وما خص به بني عبد المطلب خاصة، ثم قال:
أما بعد، فما حمدتك لابن أخي ولا حمدت ابن أخي فيك، وما هو وحده ولقد نطق غيره، فلو أنك هبطت مما صعدت وصعدوا مما هبطوا لكان ذلك أقرب، فقال: أنت وذلك يا خال، فقال: فلم تكلم بذلك عنك؟ (2) قال: نعم أعطهم عني ما شئت. وقام عثمان فخرج.
فلم يلبث أن رجع إليه فسلم وهو قائم، ثم قال: يا خال لا تعجل بشئ حتى أعود إليك، فرفع العباس يديه واستقبل القبلة، فقال: " اللهم أسبق بي ما لا خير لي في إداركه " فما مضت الجمعة حتى مات (3).