(306) ابن عباس وعثمان نزل عثمان فأتى منزله، وأتاه الناس وفيهم ابن عباس، فلما أخذوا مجالسهم أقبل على ابن عباس، فقال: ما لي ولكم يا ابن عباس؟ ما أغراكم بي وأولعكم بتعقيب أمري! لتنقمون (1) علي أمر العامة - وعاتبه بكلام طويل - فأجابه ابن عباس، وقال في جملة كلامه:
أخسئ الشيطان عنك لا يركبك، وأغلب غضبك ولا يغلبك، فما دعاك إلى هذا الأمر الذي كان منك؟ قال: دعاني إليه ابن عمك علي بن أبي طالب عليه السلام، قال ابن عباس: وعسى أن يكذب مبلغك، قال عثمان: إنه ثقة، قال ابن عباس: إنه ليس بثقة من أولع وأغرى. قال عثمان: يا ابن عباس والله إنك ما تعلم من علي ما شكوت منه؟ قال: اللهم لا، إلا أن يقول كما يقول الناس وينقم كما ينقمون، فمن أغراك به وأولعك بذكره دونهم؟ قال عثمان:
إنما آفتي من أعظم الداء الذي ينصب نفسه لرأس الأمر، وهو علي ابن عمك وهذا والله كلمة من نكده وشؤمه! قال ابن عباس: مهلا استثن يا أمير المؤمنين!
قل: إن شاء الله، فقال: إن شاء الله.
ثم قال: إني أنشدك يا ابن عباس الإسلام والرحم! فقد والله غلبت وابتليت بكم، والله لوددت أن هذا الأمر كان صائرا إليكم دوني، فحملتموه عني وكنت أحد أعوانكم عليه، إذا والله لوجدتموني لكم خيرا مما وجدتكم لي، ولقد علمت أن الأمر لكم، ولكن قومكم دفعوكم عنه واختزلوه دونكم فوالله ما أدري أرفعوكم أم رفعوه عنكم؟.