يقتلوا بأجمعهم عليه، وتباشر أهل الشام.
فقام إلى معاوية رجل من أهل الشام همداني ناسك يتأله ويكثر العبادة يعرف بمعرى بن أقبل، وكان صديقا لعمرو بن العاص وأخا له، فقال: يا معاوية سبحان الله! لأن سبقتم القوم إلى الفرات فغلبتموهم عليه تمنعونهم الماء، أما والله لو سبقوكم إليه لسقوكم منه! أليس أعظم ما تنالون من القوم أن تمنعوهم الفرات؟ فينزلوا على فرضة أخرى ويجازوكم بما صنعتم، أما تعلمون أن فيهم العبد والأمة والأجير والضعيف ومن لا ذنب له؟ هذا والله أول الجور! لقد شجعت الجبان، ونصرت المرتاب، وحملت من لا يريد قتالك على كتفيك.
فأغلظ له معاوية، وقال لعمرو: اكفني صديقك، فأتاه عمرو فأغلظ له.
فقال الهمداني في ذلك شعرا:
لعمر أبي معاوية بن حرب * وعمرو ما لدائهما دواء سوى طعن يحار العقل فيه * وضرب حين تختلط الدماء ولست بتابع دين ابن هند * طوال الدهر ما أرسى حراء لقد ذهب العتاب فلا عتاب * وقد ذهب الولاء فلا ولاء وقولي في حوادث كل خطب * على عمرو وصاحبه العفاء ألا لله درك يا بن هند * لقد برح الخفاء فلا خفاء أتحمون الفرات على رجال * وفي أيديهم الأسل الظماء وفي الأعناق أسياف حداد * كأن القوم عندهم نساء أترجو أن يجاوركم علي * بلا ماء وللأحزاب ماء دعاهم دعوة فأجاب قوم * كجرب الإبل خالطها الهناء قال: ثم سار الهمداني في سواد الليل حتى لحق بعلي عليه السلام (1).