أما بعد، فإني خشيت أن أكون قد اقترفت ذنبا عظيما وإثما كبيرا من كعب بن عبيدة! وإذا ورد كتابي هذا إليك فابعث إليه فليقدم عليك، ثم عجل به إلي، والسلام.
قال: فلما ورد الكتاب على سعيد بن العاص دعا ببكير بن حمران الأحمري وأنفذه إلى كعب بن عبيدة فأشخصه إليه، ثم وجه به إلى المدينة.
فلما أدخل على عثمان سلم فرد عليه السلام، ثم أدنى مجلسه وقال: يا أخا بني نهد إنك كتبت إلي كتابا غليظا، ولو كتبت أنت لي فيه بعض اللين وسهلت بعض التسهيل لقبلت مشورتك ونصيحتك، ولكنك أغلظت لي وتهددتني واتهمتني حتى أغضبتني فنلت منك ما نلت، وإنه وإن كان لكم علي حق فلي عليكم مثله مما لا ينبغي أن تجهلوه.
قال: ثم نزع عثمان قميصه ودعا بالسوط فدفعه إليه، وقال: قم يا أخا بني نهد اقتص مني ما ضربتك! فقال كعب بن عبيدة: أما أنا فلا أفعل ذلك، فإني أدعه لله تعالى، ولا أكون أول من سن الاقتصاص من الأئمة، والله لئن تصلح أحب إلي من أن تفسد، ولئن تعدل أحب إلي من أن تجور، ولئن تطيع الله أحب إلي من أن تغضبه.
ثم وثب كعب بن عبيدة، فخرج من عند عثمان، فتلقاه قوم من أصحابه، فقالوا: ما منعك أن تقتص منه وقد أمكنك من نفسه؟ فقال:
سبحان الله! والي أمر هذه الأمة! ولو شاء لما أفداني (1) من نفسه، وقد وعد التوبة وأرجو أن يفعل (2).