فظ غليظ، فلما صار في بعض الطريق جعل الرجل ينظر إلى صلاة كعب بن عبيده وتسبيحه واجتهاده، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون! بعثت مع رجل مثل هذا أهديه إلى القتل والعقوبة الشديدة أو الحبس الطويل! ثم أقبل بكعب بن عبيدة حتى أدخله على عثمان.
فلما سلم عليه جعل عثمان ينظر إليه، ثم قال: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه! أنت تعلمني الحق وقد قرأت القرآن وأنت في صلب أب مشرك؟
قال كعب: على رسلك يا ابن عفان! فإن كتاب الله لو كان للأول دون الآخر لم يبق للآخر شئ، ولكن القرآن للأول والآخر.
فقال عثمان: والله ما أراك تدري أين ربك! قال: بلى يا عثمان هو لي ولك بالمرصاد! فقال مروان: يا أمير المؤمنين حلمك على مثل هذا وأصحابه أطمع فيك الناس. فقال كعب: يا عثمان إن هذا وأصحابه أغمروك وأغرونا بك.
قال عثمان: جردوه! فجردوه وضربه عشرين سوطا، ثم أمر به فرد إلى الكوفة، وكتب إلى سعيد بن العاص: أما بعد، فإذا قدم عليك كعب بن عبيدة هذا فوجه به مع رجل فظ غليظ إلى جبال كذا، فليكن منفيا عن بلده وقراره.
قال: فلما قدم كعب على سعيد بن العاص دعا به فضمه إلى رجل من أصحابه يقال له: بكير بن حمران الأحمري، فخرج به حتى جعله كذلك حيث أمر عثمان.
قال: وأقبل طلحة والزبير حتى دخلا على عثمان (فذكر اعتراضهما على أعمال عثمان. ثم قال) قال: فدعا عثمان من ساعته بدواة وقرطاس وكتب إلى عامله بالكوفة سعيد بن العاص.