جاهليتنا قبل أن ينزل علينا الكتاب ويبعث فينا الرسول، ونحن نوفي بالعهد، ونصدق الحديث (بالحديث خ) ونحسن الجوار، ونقري الضيف، ونواسي الفقير، فلما بعث الله تعالى فينا رسول الله وأنزل علينا كتابه كانت تلك الأخلاق يرضاها الله ورسوله، وكان أحق بها أهل الإسلام وأولى أن يحفظوها، فلبثوا بذلك ما شاء الله أن يلبثوا.
ثم إن الولاة قد أحدثوا أعمالا قباحا ما نعرفها: من سنة تطفأ، وبدعة تحيى، وقائل بحق مكذب، وأثرة لغير تقي، وأمين مستأثر عليه من الصالحين.
اللهم إن كان ما عندك خيرا لي فاقبضني إليك غير مبدل ولا مغير، وكان يعيد هذا الكلام ويبديه.
فأتى حبيب بن مسلمة معاوية بن أبي سفيان، فقال: إن أبا ذر يفسد عليك الناس بقوله: كيت وكيت، فكتب معاوية إلى عثمان، الحديث (1).
(365) أبو ذر بالشام عن أبي جهضم، عن أبيه، قال: لما أخرج عثمان أبا ذر الغفاري - رحمه الله - من المدينة إلى الشام، كان يقوم في كل يوم فيعظ الناس، ويأمرهم بالتمسك بطاعة الله، ويحذرهم عن ارتكاب معاصيه، ويروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله ما سمعه منه في فضائل أهل بيته عليه وعليهم السلام ويحضهم على التمسك بعترته.
فكتب معاوية إلى عثمان: أما بعد، فإن أبا ذر يصبح إذا أصبح ويمسي إذا أمسى وجماعة من الناس كثير عنده، فيقول: كيت وكيت، فإن كان لك حاجة في الناس قبلي، فأقدم أبا ذر إليك، فإني أخاف أن يفسد الناس