فناداه الناس أن: سلم الله عليك ورحمك يا أبا ذر يا صاحب رسول الله!
ألا نردك إن كان هؤلاء القوم أخرجوك؟ ألا نمنعنك؟ فقال لهم: ارجعوا رحمكم الله، فإني أصبر منكم على البلوى، وإياكم والفرقة والاختلاف.
فمضى حتى قدم على عثمان، فلما دخل عليه قال له: لا قرب الله بعمرو عينا! فقال أبو ذر: والله ما سماني أبواي عمروا، ولكن لا قرب الله من عصاه وخالف أمره وارتكب هواه!.
فقام إليه كعب الأحبار، فقال له: ألا تتقي الله يا شيخ تجبه (وتجيب خ ل) أمير المؤمنين بهذا الكلام! فرفع أبو ذر عصا كانت في يده فضرب بها رأس كعب، ثم قال له: يا ابن اليهوديين ما كلامك مع المسلمين؟ فوالله ما خرجت اليهودية من قلبك بعد.
فقال عثمان: والله لا جمعتني وإياك دار! قد خرفت وذهب عقلك، أخرجوه من بين يدي تركبوه قتب ناقته بغير وطاء، ثم انجو به الناقة وتعتعوه حتى توصلوه الربذة، فنزلوه بها من غير أنيس حتى يقضي الله فيه ما هو قاض.
فأخرجوه متعتعا ملهوزا بالعصي، وتقدم ألا يشيعه أحد من الناس.
فبلغ ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فبكى حتى بل لحيته بدموعه! ثم قال: أهكذا يصنع بصاحب رسول الله صلى الله عليه وآله إنا لله وإنا إليه راجعون! ثم نهض ومعه الحسن والحسين عليهما السلام وعبد الله ابن العباس والفضل وقثم وعبيد الله حتى لحقوا أبا ذر فشيعوه.
فلما بصر بهم أبو ذر - رحمه الله - حن إليهم وبكى عليهم! وقال: بأبي وجوه إذا رأيتها ذكرت بها رسول الله صلى الله عليه وآله وشملتني البركة برؤيتها، ثم رفع يديه إلى السماء، وقال: اللهم إني أحبهم ولو قطعت إربا إربا في محبتهم!
ما زلت عنها ابتغاء وجهك والدار الآخرة، فارجعوا رحمكم الله، والله أسأل أن