قال - رحمه الله - (بعد إيراد بعض الأجوبة عن تزويج أمير المؤمنين عليه السلام بنته من عمر): وليس ذلك بأعجب من قول لوط: " هؤلاء بناتي هن أطهر لكم " فدعاهم إلى العقد عليهم لبناته وهم كفار ضلال قد أذن الله تعالى في هلاكهم، وقد زوج رسول الله صلى الله عليه وآله ابنتيه قبل البعثة كافرين يعبدان الأصنام، أحدهما عتبة بن أبي لهب، والآخر أبو العاص بن الربيع، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وآله فرق بينهما وبين ابنتيه، فمات عتبة على الكفر، وأسلم أبو العاص، فردها عليه بالنكاح الأول، ولم يكن صلى الله عليه وآله في حال من الأحوال كافرا ولا مواليا لأهل الكفر، وقد زوج من يتبرأ من دينه وهو معاد له في الله عز وجل، وهما اللذان زوجهما عثمان بعد هلاك عتبة وموت أبي العاص، وإنما زوجه النبي صلى الله عليه وآله على ظاهر الإسلام، ثم إنه تغير بعد ذلك، ولم يكن على النبي صلى الله عليه وآله تبعة فيما يحدث في العاقبة.
هذا على قول بعض أصحابنا، وعلى قول فريق آخر: إنه زوجه على الظاهر وكان باطنه مستورا عنه، ويمكن أن يستر الله عن نبيه صلى الله عليه وآله نفاق كثير من المنافقين، وقد قال الله سبحانه: " ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم " فلا ينكر أن يكون في أهل مكة كذلك، والنكاح على الظاهر دون الباطن.
وأيضا يمكن أن يكون الله تعالى قد أباحه مناكحة من يظاهر الإسلام وإن علم من باطنه النفاق، وخصه بذلك ورخص له فيه، كما خصه في أن يجمع بين أكثر من أربع حرائر في النكاح، وأباحه أن ينكح بغير مهر، ولم يحظر عليه المواصلة في الصيام ولا الصلاة بعد قيامه من النوم بغير وضوء، وأشباه ذلك مما خص به وحظر على غيره من عامة الناس.
فهذه أجوبة ثلاثة عن تزويج النبي صلى الله عليه وآله عثمان، وكل