لكل واحد منهم، يا ولي الله انظر في هذه العرصات إلى كل من أسدى إليك في الدنيا معروفا، أو نفس منك كربا، أو أغاثك إذا كنت ملهوفا، أو كف عنك عدوا، أو أحسن إليك في معاملة فإنك شفيعه، فإن كان من المؤمنين المحقين زيد بشفاعته في نعم الله عليه، وإن كان من المقصرين كفى تقصيره بشفاعته، وإن كان من الكافرين خفف عذابه بقدر احسانه لك، وكأني بشيعتنا هؤلاء يطيرون في تلك العرصات كالبزاة والصقور فينقضون على من أحسن في الدنيا عليهم انقضاض البزاة والصقور على اللحوم تتلقفها وتحفظها، وكذلك يلتقطون من شدائد العرصات من كان أحسن إليهم في الدنيا فيرفعونهم إلى جنات النعيم (1).
أقول: المراد بالزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري عامي المذهب، كان أبوه مسلم مع مصعب بن الزبير، وجده عبيد الله مع المشركين يوم بدر، وهو لم يزل عاملا لبني مروان وجعله هشام بن عبد الملك معلم أولاده، وكان من علماء العامة لكنه يحب علي بن الحسين عليهما السلام ويعظمه على ما في بعض الروايات، ونقل عنه عليه السلام، ولذا عده الشيخ والبرقي في رجاليهما من أصحاب علي بن الحسين عليه السلام وكتب عليه السلام إليه كتابا يعظه فيه، وذكره ابن شعبة الحراني في تحف العقول / 274.
أما التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام وإن لم يثبت عندنا صحة هذه النسبة، لضعف سنده وما فيه، بل الثابت أنه ليس للإمام عليه السلام كما هو الحال في الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام، ولكنهما لم يقلا من بعض كتب الاخبار نحو جامع الأخبار ومشكاة الأنوار ونحو ذلك. وعلى ذلك تعد رواياتهما من المرسلات والمرفوعات نوعا، ولذا نقلت عن الكتابين في هذه الرسالة.
وأما متن هذه الرواية تعد من صحاح الأخبار، واصطاد هذا الموضوع