موطأ مالك، وعن مقدمة فتح الباري أن الربيع بن صبيح أول من جمع، وكان في آخر عصر التابعين، وعلى كل فالإجماع منعقد على أنه ليس لهم في العصر الأول تأليف (972).
أما علي وشيعته، فقد تصدوا لذلك في العصر الأول، وأول شئ دونه أمير المؤمنين كتاب الله عز وجل، فإنه (ع) بعد فراغه من تجهيز النبي صلى الله عليه وآله وسلم، آلى على نفسه أن لا يرتدي إلا للصلاة، أن يجمع القرآن، فجمعه مرتبا على حسب النزول، وأشار إلى عامه وخاصه، ومطلقه ومقيده، ومحكمه ومتشابهه، وناسخه ومنسوخه، وعزائمه ورخصه، وسننه وآدابه، ونبه على أسباب النزول في آياته البينات، وأوضح ما عساه يشكل من بعض الجهات وكان ابن سيرين يقول (1): " لو أصبت ذلك الكتاب كان فيه العلم " (973) وقد عني غير واحد من قراء الصحابة بجمع القرآن، غير أنه لم يتسن لهم أن يجمعوه على تنزيله، ولم يودعوه شيئا من الرموز التي سمعتها + + + فإذن كان جمعه (ع) بالتفسير أشبه. وبعد فراغه من الكتاب العزيز ألف لسيدة نساء العالمين كتابا كان يعرف عند أبنائها الطاهرين بمصحف فاطمة يتضمن أمثالا وحكما، ومواعظ وعبرا، وأخبارا ونوادر توجب لها العزاء عن سيد الأنبياء أبيها صلى الله عليه وآله (974). وألف بعده كتابا في الديات وسمه بالصحيفة، وقد أورده ابن سعد في آخر كتابه المعروف بالجامع مسندا إلى أمير المؤمنين (ع)، ورأيت البخاري ومسلما يذكران هذه الصحيفة ويرويان عنها في عدة مواضع من صحيحيهما، ومما روياه عنها ما أخرجاه عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه، قال: " قال علي رضي الله عنه ما عندنا كتاب نقرؤه إلا كتاب الله غير هذه الصحيفة، قال: فأخرجها فإذا فيها أشياء من الجراحات وأسنان الإبل " (975) قال: وفيها " المدينة حرم ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس