وتحاورا مرة ثالثة فقال: " يا ابن عباس ما أرى صاحبك إلا مظلوما، فقلت: يا أمير المؤمنين فاردد إليه ظلامته (قال) فانتزع يده من يدي ومضى يهمهم ساعة، ثم وقف فلحقته، فقال: يا ابن عباس ما أظنهم منعهم عنه إلا أنه استصغره قومه، قال: فقلت له: والله ما استصغره الله ورسوله حين أمراه أن يأخذ براءة من صاحبك، قال: فأعرض عني وأسرع، فرجعت " (914) عنه (1) وكم لحبر الأمة ولسان الهاشميين وابن عم رسول الله عبد الله بن العباس من أمثال هذه المواقف، وقد مر عليك - في المراجعة 26 - احتجاجه على ذلك الرهط العاتي ببضع عشرة من خصائص علي في حديث طويل جليل، قال فيه: " وقال النبي لبني عمه: أيكم يواليني في الدنيا والآخرة فأبوا، وقال علي: أنا أوليك في الدنيا والآخرة، فقال لعلي: أنت وليي في الدنيا والآخرة (إلى أن قال ابن عباس):
وخرج رسول الله في غزوة تبوك وخرج الناس معه، فقال له علي: أخرج معك؟
فقال رسول الله: لا، فبكى علي، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه ليس بعدي نبي، إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي (قال): وقال له رسول الله: أنت ولي كل مؤمن بعدي (قال): وقال صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فإن عليا مولاه... " الحديث (915).
2 - وكم لرجالات بني هاشم يومئذ من أمثال هذه الاحتجاجات، حتى أن الحسن بن علي جاء إلى أبي بكر وهو على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له: انزل عن مجلس أبي (916)، ووقع للحسين نحو ذلك مع عمر وهو على المنبر أيضا (2) (917).