3 - وأما مؤلفو سلفنا من أهل الطبقة الثانية - طبقة التابعين - فإن مراجعاتنا هذه لتضيق عن بيانهم. والمرجع في معرفتهم ومعرفة مصنفاتهم وأسانيدها إليهم على التفصيل إنما هو فهارس علمائنا ومؤلفاتهم في تراجم الرجال (1) (990).
سطع - أيام تلك الطبقة - نور أهل البيت، وكان قبلها محجوبا بسحائب ظلم الظالمين، لأن فاجعة الطف فضحت أعداء آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأسقطتهم من أنظار أولي الألباب، ولفتت وجوه الباحثين إلى مصائب أهل البيت، منذ فقدوا رسول الله صلى الله عليه وآله، واضطرت الناس بقوارعها الفادحة إلى البحث عن أساسها، وحملتهم على التنقيب عن أسبابها، فعرفوا جذرتها وبذرتها، وبذلك نهض أولوا الحمية من المسلمين إلى حفظ مقام أهل البيت والانتصار لهم، لأن الطبيعة البشرية تنتصر بجبلتها للمظلوم، وتنفر من الظالم، وكأن المسلمين بعد تلك الفاجعة دخلوا في دور جديد، فاندفعوا إلى موالاة الإمام علي بن الحسين زين العابدين، وانقطعوا إليه في فروع الدين وأصوله، وفي كل ما يؤخذ من الكتاب والسنة من سائر الفنون الاسلامية، وفزعوا من بعده إلى ابنه الإمام أبي جعفر الباقر (ع)، وكان أصحاب هذين الإمامين " العابدين الباقرين " من سلف الإمامية ألوفا مؤلفة لا يمكن إحصاؤهم، لكن الذين دونت أسماؤهم وأحوالهم في كتب التراجم من حملة العلم عنهما يقاربون أربعة آلاف بطل، ومصنفاتهم تقارب عشرة آلاف كتاب أو تزيد، رواها أصحابنا في كل خلف عنهم بالأسانيد الصحيحة، وفاز جماعة من أعلام أولئك الأبطال بخدمتهما وخدمة بقيتهما الإمام الصادق عليهم السلام، وكان الحظ الأوفر لجماعة منهم فازوا بالقدح المعلى علما وعملا.