فأنكروا حكم العقل، وقالوا: لا حكم إلا للشرع، ذهولا منهم عن القاعدة العقلية المطردة - وهي كل ما حكم به العقل حكم به الشرع - ولم يلتفتوا إلى أنهم قطعوا خط الرجعة بهذا الرأي على أنفسهم، فلا يقوم لهم بعده على ثبوت الشرع دليل، لأن الاستدلال على ذلك بالأدلة الشرعية دوري لا تتم به حجة، ولولا سلطان العقل لكان الاحتجاج بالنقل مصادرة، بل لولا العقل ما عبد الله عابد، ولا عرفه من خلقه كلهم واحد، وتفصيل الكلام في هذا المقام موكول إلى مظانه من مؤلفات علمائنا الأعلام.
3 - أما دعوى أم المؤمنين بأن النبي صلى الله عليه وآله، قضى وهو في صدرها فمعارضة، بصحاح متواترة من طريق العترة الطاهرة (796) وحسبك من طريق غيرهم ما أخرجه ابن سعد (1) بالإسناد إلى علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله، في مرضه: " ادعوا لي أخي، فأتيته، فقال: أدن مني، فدنوت منه، فاستند إلي فلم يزل مستندا إلي، وإنه ليكلمني حتى أن بعض ريقه ليصيبني، ثم نزل برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " (797) وأخرج أبو نعيم في حليته، وأبو أحمد الفرضي في نسخته، وغير واحد من أصحاب السنن، عن علي، قال: " علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - يعني حينئذ - ألف باب كل باب يفتح ألف باب (2) " (798) وكان عمر بن الخطاب إذا سئل عن شئ يتعلق ببعض هذه الشؤون، لا يقول غير: سلوا عليا، لكونه هو القائم بها، فعن جابر بن عبد الله الأنصاري، " أن كعب الأحبار سأل عمر، فقال: ما كان