فمنهم أبو سعيد أبان بن تغلب بن رباح الجريري القارئ الفقيه المحدث المفسر الأصولي اللغوي المشهور، كان من أوثق الناس، لقي الأئمة الثلاثة، فروى عنهم علوما جمة، وأحاديث كثيرة، وحسبك أنه روى عن الصادق خاصة ثلاثين ألف حديث (1) (991)، كما أخرجه الميرزا محمد في ترجمة أبان من كتاب منتهى المقال بالإسناد إلى أبان بن عثمان عن الصادق عليه السلام، وكان له عندهم حظوة وقدم، قال له الباقر عليه السلام - وهما في المدينة الطيبة -: " أجلس في المسجد وافت الناس، فإني أحب أن يرى في شيعتي مثلك " (992) وقال له الصادق عليه السلام: " ناظر أهل المدينة، فإني أحب أن يكون مثلك من رواتي ورجالي " (993). وكان إذا قدم المدينة تقوضت إليه الخلق، وأخليت له سارية النبي صلى الله عليه وآله، وقال الصادق (ع) لسليم ابن أبي حبة: " ائت أبان بن تغلب فإنه سمع مني حديثا كثيرا، فما روى لك فاروه عني " (994) وقال عليه السلام لأبان بن عثمان: " إن أبان بن تغلب روى عني ثلاثين ألف حديث فاروها عنه " (995). وكان إذا دخل أبان على الصادق يعانقه ويصافحه، ويأمر بوسادة تثنى له، ويقبل عليه بكله (996). ولما نعي إليه قال عليه السلام: " أما والله لقد أوجع قلبي موت أبان " (997) وكانت وفاته سنة إحدى وأربعين ومائة (998). ولأبان روايات عن أنس بن مالك، والأعمش، ومحمد بن المنكدر، وسماك بن حرب، وإبراهيم النخعي، وفضيل بن عمرو، والحكم، وقد احتج به مسلم وأصحاب السنن الأربعة كما بيناه إذ أوردناه - في المراجعة 16 - (999). ولا يضره عدم احتجاج البخاري به، فإن له أسوة بأئمة أهل البيت، الصادق، والكاظم، والرضا، والجواد التقي، والحسن العسكري الزكي، إذ لم يحتج بهم، بل لم يحتج بالسبط الأكبر سيد شباب أهل الجنة، نعم احتج بمروان بن
(٤١٥)