أفعاله وأقواله عن أن تزدري بها العقلاء، أو ينتقدها الفلاسفة والحكماء، بل لا ريب في أنكم تعرفون مكانة قوله وفعله من الحكمة والعصمة، وقد قال الله تعالى: * (إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين وما صاحبكم بمجنون) * (648) فيهتم بتوضيح الواضحات، وتبيين ما هو بحكم البديهيات، ويقدم لتوضيح هذا الواضح مقدمات أجنبية، لا ربط له بها ولا دخل لها فيه، تعالى الله عن ذلك ورسوله علوا كبيرا. وأنت نصر الله بك الحق - تعلم أن الذي يناسب مقامه في ذلك الهجير، ويليق بأفعاله وأقواله يوم الغدير، إنما هو تبليغ عهده، وتعيين القائم مقامه من بعده، والقرائن اللفظية، والأدلة العقلية، توجب القطع الثابت الجازم بأنه صلى الله عليه وآله، ما أراد يومئذ ألا تعيين علي وليا لعهده، وقائما مقامه من بعده، فالحديث مع ما قد حف به من القرائن نص جلي، في خلافة علي، لا يقبل التأويل، وليس إلى صرفه عن هذا المعنى من سبيل، وهذا واضح * (لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) *.
2 - أما القرينة التي زعموها فجزاف وتضليل، ولباقة في التخليط والتهويل، لأن النبي صلى الله عليه وآله، بعث عليا إلى اليمن مرتين، والأولى كانت سنة ثمان (649)، وفيها أرجف المرجفون به، وشكوه إلى النبي بعد رجوعهم إلى المدينة، فأنكر عليهم ذلك (1) حتى أبصروا الغضب في وجهه، فلم يعودوا لمثلها، والثانية كانت سنة عشر (650) وفيها عقد النبي له اللواء وعممه صلى الله عليه وآله بيده، وقال له: امض ولا تلتفت، فمضى لوجهه راشدا مهديا حتى أنفذ أمر النبي، ووافاه صلى الله عليه وآله وسلم، في حجة الوداع، وقد أهل بما