نور البراهين - السيد نعمة الله الجزائري - ج ٢ - الصفحة ٤٩١
فقال المأمون: يا سليمان سل أبا الحسن عما بدا لك وعليك بحسن الاستماع والانصاف، قال سليمان: يا سيدي أسألك؟ قال الرضا عليه السلام: سل عما بدا لك قال: ما تقول فيمن جعل الإرادة اسما وصفة مثل حي وسميع وبصير 1) وقدير؟ قال الرضا عليه السلام: إنما قلتم حدثت الأشياء واختلفت لأنه شاء وأراد 2)، ولم تقولوا حدثت واختلفت لأنه سميع بصير، فهذا دليل على أنها ليست بمثل سميع ولا بصير ولا قدير، قال سليمان: فإنه لم يزل مريدا، قال: يا سليمان فإرادته غيره؟ قال: نعم، قال: فقد أثبت معه شيئا غيره لم يزل، قال سليمان: ما أثبت، قال الرضا عليه السلام: أهي محدثة؟ قال سليمان: لا ما هي محدثة، فصاح به المأمون وقال: يا سليمان مثله يعايا
____________________
ورسله على قسمين: منه ما يكون على طريق الجزم، فهذا لا يدخله البداء، ومنه ما يكون لله فيه المشيئة، وهذا لا يجوز لهم الاخبار عنه الا كما أمروا من التعليق بأن يقولوا ولله فيه المشيئة، وكلامه عليه السلام راجع إلى هذا.
1) يعني: يجعلون الإرادة من صفات الذات القديمة، كالحياة والسمع والبصر، لا من صفات الافعال الحادثة التي يتصف بها وبنقيضها.
2) معناه: أن الإرادة علمه لحدوث الأشياء، وعلة الحادث حادثة، فلو كانت الإرادة قديمة وهي علة للمراد المخلوق لكان المعلول قديما، والا لزم تخلف المعلول عن العلة التامة، وهو غير جائز على المشهور، وقد جوزه من المعاصرين الفاضل القزويني رحمه الله.
ولما تباحث في هذه المسألة مع أستاذنا الخوانساري تغمده الله برحمته، قال له: أدل بحجتك على جواز التخلف، فرتب قياسا من الشكل الأول واستنتج منه مطلوبه، فقال له الأستاذ: نحن نسلم المقدمتين ونمنع النتيجة، ولا يلزمنا الا
(٤٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 486 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 ... » »»
الفهرست