____________________
من الجانبين، حتى قيل: إن وضع النرد على الجبر، ووضع الشطرنج على القدر، إلا أن مذاهبنا أقوى، بسبب أن القدح في قولنا لا يترجح الممكن إلا بمرجح يوجب انسداد باب إثبات الصانع.
ونحن نقول ما قاله بعض أئمة الدين: إنه لا جبر ولا تفويض، ولكن أمر بين أمرين، وذلك أن مبنى المبادي القريبة لافعال العبد على قدرته واختياره، والمبادي البعيدة على عجزه واضطراره، فالانسان مضطر في صورة مختار، كالقلم في يد الكاتب، والوتد في شق الحائط، وفي كلام العقلاء قال الحائط للوتد: لم تشقني؟ فقال: سل من يدقني. هذا كلامه (1).
وهذا منه إشارة إلى ما قاله المتأخرون منهم من أن للعبد كسبا في أفعاله، وهو كاسبها، فرارا من الجبر الصريح، وحاصله: الفرق بين حركة يد المرتعش وحركة يد الصحيح، فإن الأولى مما لا اختيار للعبد فيها، فخالقها وكاسبها وسببها البعيد والقريب هو الله تعالى بخلاف الثانية، فإن تمدد العضلة وتشنجها وقع باختيار العبد، إلا أن الذي أوجد الفعل عقيب تلك الحركة وخلقه هو الله تعالى شأنه.
وقد رد عليهم هذه المقالة المحقق الطوسي في كتبه الكلامية، وقال: إن هذا عين الجبر، وكلامه جيد، سيما على ما مثل به الرازي هنا من القلم في يد
ونحن نقول ما قاله بعض أئمة الدين: إنه لا جبر ولا تفويض، ولكن أمر بين أمرين، وذلك أن مبنى المبادي القريبة لافعال العبد على قدرته واختياره، والمبادي البعيدة على عجزه واضطراره، فالانسان مضطر في صورة مختار، كالقلم في يد الكاتب، والوتد في شق الحائط، وفي كلام العقلاء قال الحائط للوتد: لم تشقني؟ فقال: سل من يدقني. هذا كلامه (1).
وهذا منه إشارة إلى ما قاله المتأخرون منهم من أن للعبد كسبا في أفعاله، وهو كاسبها، فرارا من الجبر الصريح، وحاصله: الفرق بين حركة يد المرتعش وحركة يد الصحيح، فإن الأولى مما لا اختيار للعبد فيها، فخالقها وكاسبها وسببها البعيد والقريب هو الله تعالى بخلاف الثانية، فإن تمدد العضلة وتشنجها وقع باختيار العبد، إلا أن الذي أوجد الفعل عقيب تلك الحركة وخلقه هو الله تعالى شأنه.
وقد رد عليهم هذه المقالة المحقق الطوسي في كتبه الكلامية، وقال: إن هذا عين الجبر، وكلامه جيد، سيما على ما مثل به الرازي هنا من القلم في يد