الأشياء أي الخطايا والذنوب، وفي بعض النسخ الأسماء وهو أوفق بما روي عنه عليه السلام في موضع آخر أي لا يصح إطلاق المؤمن والكافر والصالح والطالح وأشباهها على الحقيقة.
فذلكة: اعلم أن الذي استفاض عن الأئمة عليهم السلام هو نفي الجبر والتفويض، و إثبات الامر بين الامرين، وقد اعترف به بعض المخالفين أيضا، قال إمامهم الرازي:
حال هذه المسألة عجيبة فإن الناس كانوا مختلفين فيها أبدا بسبب أن ما يمكن الرجوع فيها إليها متعارضة متدافعة: فمعول الجبرية على أنه لابد لترجيح الفعل على الترك من مرجح ليس من العبد; ومعول القدرية على أن العبد لو لم يكن قادرا على فعل لما حسن المدح والذم والأمر والنهي، وهما مقدمتان بديهيتان، ثم من الأدلة العقلية اعتماد الجبرية على أن تفاصيل أحوال الافعال غير معلومة للعبد، واعتماد القدرية على أن أفعال العباد واقعة على وفق تصورهم ودواعيهم وهما متعارضتان، ومن الالزامات الخطابية أن القدرة على الايجاد صفة كمال لا يليق بالعبد الذي هو منبع النقصان، وأن أفعال العباد تكون سفها وعبثا، فلا يليق بالمتعالي عن النقصان، وأما الدلائل السمعية فالقرآن مملو بما يوهم بالامرين وكذا الآثار، فإن أمة من الأمم لم تكن خالية من الفرقتين، وكذا الأوضاع والحكايات متدافعة من الجانبين، حتى قيل: إن وضع النرد على الجبر، ووضع الشطرنج على القدر، إلا أن مذهبنا أقوى بسبب أن القدح في قولنا: لا يترجح الممكن إلا بمرجح يوجب انسداد باب إثبات الصانع، ونحن نقول: الحق ما قال بعض أئمة الدين: إنه لا جبر ولا تفويض، ولكن أمر بين أمرين، وذلك أن مبنى المبادي القريبة لافعال العبد على قدرته واختياره، والمبادي البعيدة على عجزه واضطراره فالانسان مضطر في صورة مختار كالقلم في يد الكاتب و الوتد في شق الحائط، وفي كلام العقلاء: قال الحائط للوتد: لم تشقني؟ فقال: سل من يدقني انتهى.
وأما معنى الجبر فهو ما ذهبت إليه الأشاعرة من أن الله تعالى أجرى الاعمال على أيدي العباد من غير قدرة مؤثرة لهم فيها، وعذبهم عليها.