في كتابه (أمل الآمل) لموقعية هذا القطر من الناحية الثقافية أقرب من غيرها في إعطاء فكرة مجملة عن هذا القطر.
يقول (الشيخ الحر العاملي) رحمه الله: " إن علماء الشيعة في جبل عامل يبلغون نحو الخمس من علماء الشيعة في جميع الأقطار مع أن بلادهم أقل من عشر عشر بلاد الشيعة.
في مثل هذه البيئة نشأ الشهيد الأول، وفتح عينيه على الحياة فخالط العلماء، وارتاد المجالس والندوات العلمية التي كانت تعقد في أطراف هذا القطر: واشترك في حلقات الدراسة التي كانت تعقد في المساجد والمدارس والبيوت، وتعاطى فيها طرفا من العلم، وساهم فيما كان يدور بين الأساتذة والطلاب، أو بين الطلاب أنفسهم: من خلاف وشجار يحتد حينا، ويلين آخر وكون لنفسه بمرور الزمن آراء خاصة في مسائل الفقه والأدب، وأعانته على ذلك ثقافته الشخصية، ومؤهلاته الفكرية، وقريحته الوقادة.
ولا نعلم شيئا صحيحا عن بداية أمر هذا القطر، وظهور الحركة الفكرية الشيعية فيها، إلا أنا نعلم أن الصحابي الجليل (أبا ذر) رضي الله عنه لما نفي إلى (الشام) في عهد (عثمان بن عفان) نزل هذا القطر، واتخذ لنفسه فيه مقامين في قريتي (الصرفند) على ساحل البحر الأبيض و (مخاليس الجبل) في الجهة الجنوبية الشرقية من جبل عامل على رابية تطل على الأردن ولا يزال هناك مسجدان في هاتين القريتين تعرفان باسمه.
وفي غالب الظن أن التشيع انبثق من هذين المقامين، ومن أيام نزول (أبي ذر) بجبل عامل بالذات (1).
فأصبح وهو لم يتجاوز بعد المراحل الأولى من دراسته يشار إليه .