كان يتجول في البلدان الإسلامية للحضور على الأساتذة والعلماء، والاستفادة من مجالس درسهم، ومحافل بحثهم، وأخذ نجمه يزداد إضاءة وإنارة كلما ازداد في تلقي العلوم من كبار الشيوخ في حينه، وهكذا تلألأ هذا النجم الوضاء حتى طبق الآفاق شهرته، وأقر له القريب والبعيد بسعة العلم والاجتهاد وهو بعد لم يتجاوز سنه الثلاثين ونتيجة لهذه الشهرة الواسعة أخذت ألسنة الثناء تحيطه بهالة من القدسية والرفعة وتمدحه بشتى العبارات، وألوان الكلمات، ومختلف الجمل.
ولنكن بضع دقائق مع بعض من كتب عن الشهيد لنرى كيف يثنون عليه الثناء العطر ويذكرونه بكل احترام وتجلة:
يقول ابن العودي: " حاز من خصال الكمال محاسنها ومآثرها، وتردى من أصنافها بأنواع مفاخرها، كانت له نفس عليه تزهو بها الجوانح والضلوع وسجية سنية يفوح منها الفضل ويضوع، كان شيخ الأمة وفتاها، ومبدأ الفضائل ومنتهاها.. لم يصرف لحظة من عمره إلا في اكتساب فضيلة ووزع أوقاته على ما يعود نفعه في اليوم والليلة " (1).
وقال صاحب المقابيس:
" أفضل المتأخرين، وأكمل المتبحرين، نادرة الخلف، وبقية السلف مفتي طوائف الأمم، والمرشد إلى التي هي أقوم، قدوة الشيعة ونور الشريعة، الذي قصرت الأكارم عن استقصاء مزاياه وفضائله السنية وحازت الأعاظم الألباء في مناقبه، وفواضله العلية، الجامع في معارج الفضل والكمال، والسعادة بين مراتب العلم والعمل، والجلالة والكرامة