عليه، فسجن سنة كاملة بقلعة دمشق.
ويقال: إنه كتب (اللمعة الدمشقية) في هذه السنة في الحبس.
وطال الحبس على (الشهيد) وانقطعت صلاته بالناس، وضج الناس، ورفعوا أصواتهم بالاحتجاج، فخاف (بيدمر) حاكم دمشق من ثورة الناس، ومن أن يهجم الناس على السجن وينقذوا الشهيد ويستولوا على الحكم، فحاول أن يقضي على (الشهيد) ويريح نفسه منه.
ولكن ذلك كان يؤدي إثارة مشاعر الناس من محبي الشهيد ومريديه، فكان لا بد من وضع منهج مخطط للعمل، فقدم أتباع (اليالوش) وكانت الزعامة يومذاك لرجل يدعى (يوسف بن يحيى) فكتب محضرا يشنع فيه على (الشهيد) بأقاويل نسبها إلى الشهيد، وشهد عليه سبعون نفسا من أتباع (اليالوش)، وأضيف إلى هذه الشهادات شهادة ألف من المتسننين من أتباع (ابن جماعة) ونظائره، فحصلت من ذلك ملفة كبيرة.
فقدمت إلى قاضي بيروت.
وقيل: قاضي صيدا، وأتوا بالمحضر إلى (ابن جماعة) فنفذه إلى القاضي المالكي، وقال له: " تحكم برأيك " وهدده بالعزل، فعقد مجلسا للقضاة حضرة الملك والقضاة وجمع كبير من الناس، و (الشهيد) رحمه الله، فوجهت إليه التهم فأنكر ذلك، فلم يقبل منه الإنكار.
وقيل له: فقد ثبت ذلك عليك شرعا ولا ينتقض حكم الحاكم.
فقال الشهيد رحمه الله: الغائب على حجته، فإن أتى بما يناقض الحكم جاز نقضه، وإلا فلا، وها أنا أبطل شهادات من شهد بالجرح ولي على كل واحد حجة بينة.