نفسه العزيزة من الأمور الخارقة العادة، مع كونه عارفا بها قبل التعرض لها بما أخبر به جده وأبوه صلوات الله عليهم بتلك الأهوال على التفصيل لا يستكثر له مهما أعطاه الله جل جلاله، وأعطى لأجله زائرية الساعين لله جل جلاله على ما يريده الحسين عليه السلام من التعظيم والتبجيل، فالذي يستكثر العباد عند الله جل جلاله قليل، فإنه جل جلاله القادر لذاته الرحيم لذاته الكريم، لذاته الذي لا ينقصه مهما أعطا من هباته، بل يزيد في ملكه زيادة عطاياه وصلاته.
ومن أهم المهمات اخلاص الزائرين في هذه وتطهير النيات، وأن يكون الزيارة لمجرد أمر الله جل جلاله، فالعبادة له جل جلاله بها والطاعة له في الموافقة له في التعظيم لها، ويكون إذا زار مع كثرة الزائرين، فكأنه زار وحده دون الخلائق أجمعين، فلا يكون ناظره وخاطره متعلقا بغير رب العالمين، وهذا أمر شهد به صريح العقول من العارفين، وقال جل جلاله: ﴿وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين﴾ (1).
ومن المنقول ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن داود القمي باسناده إلى أبي عبد الله البرقي قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام: ما لمن زار الحسين بن علي عليه السلام في النصف من شعبان يريد به الله عز وجل وما عنده لا عند الناس، قال: غفر الله له في تلك الليلة ذنوبه ولو أنها بعدد شعر معزى كلب (2)، ثم قيل له: جعلت فداك يغفر الله عز وجل له الذنوب كلها؟ قال: اتستكثر لزائر الحسين عليه السلام هذا، كيف لا يغفرها وهو في حد من زار الله عز وجل في عرشه (3).
وفي حديث آخر عن الصادق عليه السلام: يغفر الله لزائر الحسين عليه السلام في نصف شعبان ما تقدم من ذنبه وما تأخر (4).