الرسالة الشريفة، ولكنا مكلفون بما نقدر عليه من تعظيم قدرها والاعتراف باحسانها وبرها، فنضرب لذلك بعض الأمثال، ففيه تنبيه على تعظيم هذه الحال، فنقول:
لو كان المسلمون قد أصيب كل منهم بنحو خطر الكفر الذي كانوا عليه فمنهم فريق قد ألقى في النار وهي توقد عليه، وفريق قد افتضح بالعار ونودي عليه، وفريق في مطمورة (1) غضب الله جل جلاله وانتقامه، وفريق في حبس مقت الله جل جلاله واصطلامه، وفريق قد استحق عليه اخذ كلما في يديه.
وفريق قد حكمت عليه الذنوب التي اشتملت عليه بالتفريق بينه وبين أولاده العزيزين عليه أو أحبته القريبين لديه، وفريق قد سقم عقله وقد ادنفه جهله، وفريق قد مرض قلبه وأحاط به ذنبه.
وفريق قد ماتت أعضاؤه بإضاعة البضاعة التي كانت تحصل لها لو أطاعت، وفريق قد صارت أعضاؤه أعداء له بما اضاعته وبما تجنيه من المعاصي بحسب ما استطاعت، وفريق قد اظلمت عليه ظلم الجهالة حتى ما بقي يبصر ما بين يديه من الضلالة، وفريق أعمى ولا يدري مقدار عماه، وفريق أخرس ولا يدري انه أخرس وقد صار لسانه مقيدا بسخط مولاه، وفريق أصم وهو لا يدري انه أصم وهو لا يسمع دعاء من دعاه إلى الله جل جلاله وناداه.
والبلاد قد أحاط بالعباد وضعف عن دفعه قوة أهل الاجتهاد، فبعث الله جل جلاله رسولا إلى هؤلاء الموصوفين بهذه الصفات ليسلمهم من النكبات والآفات والعاهات وليخلصهم من اخطارها ويطفي عنهم لهب نارها ويغسل عن وجوههم دنس عارها ويبلغ بهم من غايات السعادات، ما كانوا قاصرين عنها وبعيدين منها فيما مضى من الأوقات.
فينبغي أن يكون الاعتراف للمرسل والرسول صلوات الله عليه بقدر هذا الانعام الذي لا يبلغ وصفى إليه وان يكونوا في هذا اليوم مباشرين وشاكرين وذاكرين لمناقبه