أيها الناس أما بعد 1 أنا فقأت عين الفتنة 2 ولم يكن أحد ليجترئ عليها غيرى 3.
1 - كذا في النسخة صريحا، وقول الراوي " خطب " يقتضي وجودهما فإن الخطبة تستلزم على عادة الخطباء وجود الكلمتين، ألا ترى قول سحبان بن وائل يقول:
" لقد علم الحي اليمانون أنني * إذا قلت: أما بعد، إني خطيبها " وعلى هذا فالفاء محذوفة من الجملة الواقعة بعدها على ما هو القاعدة، قال ابن مالك:
أما كمهما يك من سئ وفا * لتلوتلوها وجوبا ألفا وحذف ذي الفاء شذ في نثر إذا * لم يك قول معها قد نبذا وقال السيوطي في البهجة المرضية في شرحهما:
" نبذ أي حذف كقوله عليه الصلاة والسلام: أما بعد ما بال رجال، فإن كان معها قول وحذف جاز حذف الفاء بل وجب كقوله تعالى: فأما الذين اسودت وجوههم: أكفرتم بعد إيمانكم، أي فيقال لهم: أكفرتم " وقال الحكيم (ره) وهو من المحشين للكتاب المذكور والمعلقين عليه: " تمام الحديث [المذكور] يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، هكذا في صحيح البخاري، فقوله (ص): ما بال، الأصل: أما بعد فما بال، فحذف الفاء " ومن أراد التفصيل في ذلك فليراجع شرح العسقلاني أو القسطلاني أو غيرهما من شروح البخاري ونظائرها، وهنا بيانات مفيدة لعلماء اللغة ونقلناها في تعليقات آخر الكتاب فراجع (أنظر التعليقة رقم 5).
2 - في شرح النهج: " فقأت عينه أي بخقتها، وتفقأت السحابة عن مائها تشققت، وتفقأ الدمل والقرح، ومعنى فقئه عليه السلام عين الفتنة إقدامه عليها حتى أطفأ نارها كأنه جعل للفتنة عينا محدقة يهابها الناس فأقدم هو عليها ففقأ عينها فسكنت بعد حركتها وهيجانها، وهذا من باب الاستعارة ".
3 - في نهج البلاغة بعدها: " بعد أن ماج غيهبها واشتد كلبها " وعلل ابن أبي الحديد هذا الكلام في شرح النهج (ج 2، ص 175) وبين وجهه بشرح مبسوط وبيان مستوفى (وقال فيما قال): " وقد روى ابن هلال صاحب كتاب الغارات أنه (أي الحسن - عليه السلام -) كلم أباه في قتال أهل البصرة بكلام أغضبه فرماه ببيضة حديد عقرت ساقه فعولج منها شهرين ".
أقول: كأنه نقل الحديث من غير كتاب الغارات كما هو الظاهر عبارته.