فدنا منه. فنزل ملك الموت فقال له جبرئيل: يا ملك الموت احفظ وصية الله في روح محمد وكان جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره وملك الموت آخذ بروحه صلوات الله عليه وآله كلما كشف الثوب عن وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) نظر إلى جبرئيل فقال: عند الشدائد لا تخذلني، فقال: يا محمد (أنك ميت وانهم ميتون كل نفس ذائقة الموت).
فروى عن عبد الله بن عباس ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال في ذلك المرض: ادعوا لي حبيبي فجعل يدعى له رجل بعد رجل فيعرض عنه، فقيل لفاطمة أمضى إلى علي ما نرى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يريد غير علي فبعثت فاطمة إلى علي " عليه السلام " فلما دخل فتح رسول الله (صلى الله عليه وآله) عينيه وتهلل وجهه، ثم قال: إلى يا علي فما زال علي " عليه السلام " يدنيه حتى أخذ بيده وأجلسه عند رأسه، ثم أغمي عليه صلوات الله عليه وآله، فجاء الحسن والحسين عليهما السلام يصيحان يضجان ويبكيان حتى وقعا على رسول الله، فأراد علي ان ينحيهما عنه فأفاق رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال يا علي: دعني أشمهما ويشماني وأتزود منهما ويتزودان منى، اما انهما سيظلمان بعدي ويقتلان ظلما فلعنة الله على من يظلمهما، يقول ذلك ثلاثا ثم مد يده إلى علي " عليه السلام " فجذبه إليه حتى ادخلها تحت ثوبه الذي كان عليه، ووضع فاه على فيه وجعل يناجيه مناجاة طويلة حتى خرجت روحه الطيبة (صلى الله عليه وآله) فأنسل علي " عليه السلام " من تحت ثيابه وقال عظم الله أجوركم في نبيكم فقد قبضه الله فارتفعت الأصوات بالضجة والبكاء فقيل لأمير المؤمنين " عليه السلام " ما الذي ناجاك به رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين أدخلت تحت ثيابه فقال علمني الف باب كل باب يفتح الف باب وكان سن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يومئذ ثلاثا وستين سنة ومدة نبوته ورسالته ثلاثة وعشرون سنة، ثلاث عشرة سنة بمكة وعشرة بالمدينة.
قال الشاعر:
سلام على من قدس الأرض إذ ثوى * بها منه جسم طيب طاهر النشر سلام على الانجاب ما ذر شارق * إلى القبة البيضاء سلام على القبر وقالت فاطمة، بعد وفاة أبيها صلوات الله عليهما:
حقيق على من شم تربة أحمد * أن لا يشم مدى الزمان غواليا صبت علي مصائب لو أنها * صبت على الأيام صرن لياليا