طلعت الشمس، وحلقت إلى السماء، وانا انظر إلى الكعبة اقبل شاب فرمى ببصره إلى السماء ثم استقبل فقام مستقبلها فلم يلبث ان جاء غلام فقام عن يمينه، فلم يلبث ان جاءت امرأة فقامت خلفهما، فركع الشاب وركع الغلام والمرأة، فخر الشاب ساجدا فسجد معه. فرفع الشاب فرفع الغلام والمرأة، فقلت: يا عباس امر عظيم. قال أمر عظيم تدرى من هذا؟ فقلت: لا. فقال هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي يزعم إن ربه أرسله، وأمر بهذا وان كنوز كسرى وقيصر ستفتح عليه. أتدري من هذا الغلام؟ فقلت: لا قال: هذا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن أخي. أتدري من هذه المرأة إلى خلفهما؟ قلت: لا قال: خديجة بنت خويلد زوجة ابن أخي، وأيم الله ما أعلم على ظهر الأرض كلها أحدا على هذا الدين غير هؤلاء.
قال عفيف بعد ما أسلم ورسخ الاسلام في قلبه: يا ليتني كنت رابعا.
قال محمد بن إسحاق: وكان مما أنعم الله به على علي بن أبي طالب " عليه السلام " إنه كان في حجر النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام. فحدثني عبد الله بن أبي نجيح. عن مجاهد بن خير أن الحجاج قال: كان من نعمة الله تعالى على علي بن أبي طالب، وما صنع الله له وأراده به من الخير إن قريشا اصابتهم أزمة شديدة، وكان أبو طالب ذا عيال كثير، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للعباس عمه، وكان من أسن بني هاشم: يا عباس إن أخاك أبا طالب كثير العيال، وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة فأنطلق بنا نخفف عنه من عياله آخذ من بنيه رجلا، وتأخذ من بنيه رجلا فنكفهما عنه. قال العباس: نعم فانطلقا حتى اتيا أبا طالب فقالا: انا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه: فقال أبو طالب لهما ان تركتما لي عقيلا فاصنعا ما شئتما، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا فضمه إليه وأخذ العباس جعفرا فضمه إليه، فلم يزل علي بن أبي طالب مع رسول الله عليهما الصلاة والسلام حتى بعثه الله نبيا، واتبعه علي فآمن به وصدقه ولم يزل جعفر مع العباس حتى أسلم واستغنى عنه.
قال الصادق " عليه السلام ": أول جماعة كانت ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يصلى وأمير المؤمنين معه إذ مر أبو طالب به، وجعفر معه قال يا بنى: صل جناح ابن عمك فلما أحسه رسول الله (صلى الله عليه وآله) تقدمهما، وانصرف أبو طالب مسرورا وهو يقول:
إن عليا وجعفرا ثقتي * عند ملم الزمان والكرب