وزين العابدين ووصى رسول رب العالمين. إمام هدى ونجم علا ومصباح دجى ومبيد الشرك والشبهات وهو نفس اليقين، ورأس الدين فلم يزل يكرر هذه الكلمات والألفاظ إلى أن أصبح فلما أصبح غاب عن قومه أربعين صباحا.
قال جابر: فقلت يا رسول الله إلى أين غاب؟ قال: إنه مضى بطلب المثرم. وقد مات في جبل اللكام فأكتم يا جابر. فإنه من اسرار الله المكنونة وعلومه المخزونة وان المثرم كان وصف لأبي طالب كهفا في جبل اللكام. وقيل له: إنك تجدني هناك حيا أو ميتا فلما مضى أبو طالب إلى ذلك الكهف، ودخل إليه وجد المثرم ميتا جسدا ملفوفا في مدرعة مستجر بها إلى قبلته، فإذا هناك حيتان إحديهما بيضاء والأخرى سوداء، وهما يدفعان عنه الأذى، فلما بصرا بأبي طالب غربتا في الكهف ودخل أبو طالب إليه فقال: السلام عليك يا ولي الله ورحمة الله وبركاته، فأحيا الله تعالى بقدرته المثرم فقام قائما يمسح وجهه، ويقول: اشهد إن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله وان عليا ولى الله والامام بعد نبي الله، فقال أبو طالب أبشر فإن عليا قد اطلع إلى الأرض فقال: ما كانت علامة الليلة التي طلع فيها، قال أبو طالب: لما مضى من الليل الثلث اخذت فاطمة فيها ما يأخذ النساء عند الولادة، فقلت لها: ما لك يا سيدة النساء قالت: انى أجد وهجا فقرأت عليها الاسم الذي فيه النجاة فسكنت، فقلت لها انى انهض فأتيك بنسوة من صواحبك تعينك على أمرك في هذه الليلة، قالت رأيك يا أبا طالب. فلما قمت لذلك إذ أنا بهاتف يهتف من زاوية البيت وهو يقول: امسك يا أبا طالب فإن ولى الله لا يمسه يد نجسة، وإذا انا بأربع نسوة دخلن عليها وعليهن ثياب كهيئة الحرير الأبيض، وإذا رايحتهن أطيب من المسك الأذفر، فقلن لها السلام عليك يا ولية الله فأجابتهن، ثم جلسن بين يديها ومعهن جونة من فضة، فآنسنها حتى ولد أمير المؤمنين " عليه السلام ". فلما ولد انتهيت إليه فإذا هو كالشمس الطالعة قد سجد على الأرض وهو يقول: اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، واشهد إن عليا وصى رسول الله بمحمد يختم الله النبوة، وبي يتم الوصية وانا أمير المؤمنين فأخذته واحدة منهن من الأرض، ووضعته في حجرها. فلما نظر في وجهها ناداها بلسان ذلق ذرب: السلام عليك يا أماه. فقالت: وعليك السلام يا بنى، فقال ما خبر والدي؟ فقالت: في نعم الله يتقلب وفى صحبته يتنعم، فلما سمعت ذلك لم أتمالك ان قلت